فن وفكر

راغب علامة... حين تصبح المحبة تهمة والجمهور محكمة


في عصر تتقاطع فيه الشهرة مع الفضائح، يصبح الفنان محكوماً بأكثر من جمهوره، فثمة جمهور آخر يتربص خلف الشاشات، يبحث في كل حركة وإيماءة عن مادة قابلة للجدل. هذا ما حدث مؤخراً مع الفنان اللبناني راغب علامة، الذي وجد نفسه مرة أخرى في عين العاصفة، لا بسبب أغنية جديدة، بل بسبب حضن.



الواقعة، التي شغلت مواقع التواصل لأيام، لم تكن حدثاً غير مسبوق في حفلات راغب، الذي اعتاد على لحظات القرب والحميمية مع جمهوره، خاصة من المعجبات اللواتي لا يخفين إعجابهن به. لكن هذه المرة، ارتفعت الأصوات، وتحوّل عناق على المسرح إلى خبر عن طلاق، ثم إلى سيل من التعليقات المتباينة بين التشكيك في الذوق العام والدفاع عن الحرية الشخصية.

ورغم أن القصة بدت في البداية كإشاعة عابرة، إلا أن ما فاقمها هو التفاعل الإعلامي المفرط، حيث لم تُتناول كحادثة معزولة بل كمرآة لما يُفترض أنه انحراف في سلوك النجم أو الجماهير. في خضم كل هذا، خرج راغب علامة ليقلّل من حجم الضجة، ويعيد الأمور إلى سياقها البسيط: تفاعل عفوي، لا أكثر.

وربما في هذا التبسيط تكمن العقدة الحقيقية. فما يعتبره الفنانون لحظة محبة، يراه البعض لحظة تجاوز. وما يعدّه الفنان تواصلاً إنسانياً، يعتبره البعض عرضاً في ساحة الأخلاق العامة. لكن من يضع الحدود؟ وهل يحق للجمهور أن يُملي على الفنان كيف يتصرف في لحظة عفوية؟ وهل أصبح "الاحتضان" فعلًا مجرَّماً حين يُنقل عبر كاميرا هاتف ذكي؟

بعيداً عن التفاصيل، القضية تسلط الضوء على مناخ ثقافي بات مهووساً بالمراقبة، لا يغفر لحظة طبيعية ولا يسامح على جرعة زائدة من العاطفة. فالفنان لم يعد فقط صوتاً أو صورة، بل أصبح موضوعاً للنقاش الأخلاقي، يتم تقييمه بميزان قيم متذبذب، يتغير حسب السياق الجغرافي والمزاج الرقمي.

راغب علامة، كما عرفه محبوه منذ عقود، لا يتغيّر كثيرًا. ابتسامته، حضوره، أسلوبه في التفاعل مع جمهوره ظل ثابتًا. لكن العالم من حوله تغيّر، وتحولت الكاميرا من أداة توثيق إلى أداة محاكمة. وما بين محبة المعجبين وغضب الرقابة الاجتماعية، يبقى الفنان وحيداً وسط الساحة، يتلقى التصفيق والانتقاد بذات الابتسامة.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 15 ماي 2025
في نفس الركن