تكنو لايف

خطوة تربوية ذكية : الصين تقطع الاتصال بالذكاء الاصطناعي خلال امتحانات الباكالوريا


في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين عن تعطيل خاصية التعرف على الصور في تطبيقات الذكاء الاصطناعي خلال فترة امتحانات الـ“غاوكاو”، المعادل الصيني للباكالوريا. هذا الإجراء أثار تفاعلًا واسعًا، ليس فقط داخل الصين، بل عبر العالم، وطرح تساؤلات عميقة حول العلاقة المعقدة بين التكنولوجيا والمنظومة التربوية



بينما يتجه العالم نحو رقمنة متسارعة لكل مناحي الحياة، تقف الصين لحظة تأمل وتُفرمل جزءًا من هذه الاندفاعة، على الأقل خلال أحد أكثر الأحداث حساسية في حياة شبابها. تعطيل وظائف معينة للذكاء الاصطناعي خلال الامتحانات لم يكن فقط خطوة تنظيمية، بل تحوّل إلى رسالة تربوية ذات حمولة رمزية. إنها لحظة يختبر فيها المجتمع الصيني مبدئيًا: من الذي يجب أن يقود الآخر؟ الإنسان أم الآلة؟
 

يعكس هذا القرار إدراكًا متقدمًا بقدرة الذكاء الاصطناعي على التأثير في جوهر العملية التعليمية. فقد باتت أدوات الذكاء الاصطناعي تقدم إجابات فورية من خلال تحليل الصور، ما يعني أن الطالب لم يعد في حاجة إلى شريك بشري للغش، بل فقط إلى هاتف متصل بشبكة. وهنا تتجاوز المسألة بُعدها التقني، لتلامس جوهر القيم التي تؤسس للنزاهة في التعليم.
 

اللافت أن هذا القرار لم يفرض من قبل الدولة، بل نبع من التزام طوعي بين شركات عملاقة متنافسة. وقد يُقرأ هذا الموقف كنوع من "التضامن التربوي"، ورسالة ضمنية بأن المنافسة على الذكاء لا يجب أن تتجاوز حدود الأخلاق. إنه تناغم نادر بين الربح والمسؤولية، يوضح كيف يمكن للتكنولوجيا أن تُدار بذكاء اجتماعي، لا فقط بخوارزميات.
 

تجربة الصين سلطت الضوء على غياب إطار عالمي واضح لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الفضاءات التربوية. من فرنسا إلى المغرب، يختلف التفاعل مع هذه الأدوات، بين من يفكر في الحظر المطلق، ومن يسمح باستخدامها دون رقابة. وبين الموقفين، تطرح التجربة الصينية بديلاً ثالثًا: تدخل انتقائي، تربوي، يحترم اللحظة التقييمية ويصون معناها.
 

في السياق المغربي، قد تبدو مثل هذه القرارات بعيدة أو "مترفة"، لكن الواقع أن الذكاء الاصطناعي دخل الفصول بصمت. الطلبة يستخدمونه في كتابة الإنشاءات، وإعداد العروض، بل وحتى في البحوث الجامعية. غير أن غياب نقاش مؤسساتي حول حدود استخدامه يجعلنا أمام تحدٍّ مستقبلي قد يصبح معقدًا إذا لم يُحسم مبكرًا.
 

الذكاء الاصطناعي أداة قوية، لكنه بلا وعي ولا ضمير. لا يعيش القلق داخل قاعة الامتحان، ولا يشعر بتردد الطالب أمام سؤال غامض. وبهذا المعنى، فإن تعطيله المؤقت ليس فقط إجراءً فنّيًا، بل استرجاع لمكانة الطالب كمحور للعملية التعليمية، واستعادة لصوت الإنسان في عالم تزداد فيه ضوضاء الآلة


الذكاء الاصطناعي، الصين، الباكالوريا، الغش الإلكتروني، التربية الرقمية، التعليم في الصين


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 11 يونيو 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic