حياتنا

تتويج إلياس المالكي بلقب "أفضل مؤثر لعام 2025" يشعل جدلاً واسعاً حول مصداقية معايير الجوائز الرقمية


توج اليوتيوبر إلياس المالكي مساء الأحد في العاصمة الرباط بلقب "أفضل مؤثر لسنة 2025" خلال فعاليات تظاهرة "Les Impériales" التي تحظى باهتمام واسع في الأوساط الرقمية والمهنية على حد سواء. هذا التكريم الذي يُمنح سنويًا لأبرز الوجوه في عالم التأثير الرقمي أثار موجة من الجدل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الرأي بين مؤيد يرى في المالكي رمزًا للشعبية الرقمية والانتشار الكبير، وبين معارض ينتقد طبيعة المحتوى الذي يقدمه ويشكك في معايير اختيار الفائزين



ويُعد إلياس المالكي من أبرز الشخصيات في عالم "السوشيال ميديا" المغربي، وقد استطاع خلال سنوات قليلة أن يجذب ملايين المتابعين عبر منصات مثل يوتيوب وفيسبوك وتيك توك وإنستغرام، من خلال أسلوب تواصلي فريد يعتمد أحيانًا على الجدل واللغة الصريحة، مما جعله شخصية مثيرة للجدل بين الشباب وجمهور الإنترنت. هذا النجاح الجماهيري الكبير يُعد بلا شك عاملًا مهمًا في اختياره، حيث تلعب نسب المشاهدات والتفاعل دورًا رئيسيًا في تقييم المؤثرين ضمن كثير من الجوائز والفعاليات الرقمية.
 

ومع ذلك، أثارت طبيعة محتوى إلياس المالكي وتسليطه الضوء على قضايا مثيرة أحيانًا بأسلوب حاد واحتوائه على تعبيرات يُعتبرها البعض "خادشة للحياء" و"بعيدة عن القيم التربوية"، رفضًا واسعًا من جانب شريحة من المتابعين والنشطاء. هؤلاء يرون أن التأثير الرقمي لا يجب أن يقتصر على الشهرة أو الانتشار فحسب، بل يجب أن يكون مصحوبًا بمسؤولية اجتماعية، ويعكس قيمًا إيجابية تثري الفضاء الرقمي وتنشر الوعي والثقافة.
 

يطرح هذا الجدل تساؤلات مهمة حول المعايير التي تعتمدها اللجان المنظمة لاختيار أفضل المؤثرين، ومدى مراعاتها لجودة المحتوى وأثره الفعلي على المتابعين، وليس فقط نسبة المشاهدات والإعجابات. فبينما يشكل عدد المتابعين ومعدلات التفاعل مؤشرًا على شعبية الشخصية، لا يمكن أن تكون وحدها المقياس الحاسم في تقييم الدور الاجتماعي والثقافي للمؤثرين. هذا الأمر يستدعي مراجعة منهجية توازن بين الكم والنوع، بحيث يكون التأثير مسؤولًا وهادفًا، ولا يتحول إلى مجرد صراع على الإثارة وجذب الانتباه بأي ثمن.
 

من جهة أخرى، يُشير نجاح المالكي إلى تحول مهم في نمط استهلاك المحتوى الرقمي داخل المغرب، حيث بدأ الشباب يتجه أكثر نحو منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للمعلومات والترفيه، متأثرين بأساليب تقديم جديدة بعيدة عن الوسائط التقليدية. هذا التوجه يعكس أيضًا الحاجة إلى تطوير المحتوى المحلي ليصبح أكثر عمقًا وتنوعًا، ويقدم بديلاً يستجيب لتطلعات جمهور واسع يبحث عن التفاعل الحقيقي والمضمون المفيد.
 

ولا يخلو الموضوع من أبعاد اقتصادية وتسويقية، إذ يمثل مجال صناعة المحتوى الرقمي في المغرب قطاعًا ناشئًا يشهد تطورًا سريعًا، مع تدفق الاستثمارات وظهور فرص العمل الجديدة في مجال الإعلام الرقمي والتسويق عبر الإنترنت. وتظل الجوائز مثل "Les Impériales" منصة مهمة لتعزيز الوعي بأهمية هذا القطاع، ولتشجيع الإبداع وتكريم المواهب، لكن ذلك يقتضي بالضرورة وضع معايير واضحة تضمن أن يكون الاحتفاء بالمؤثرين مبنيًا على التزام مهني وأخلاقي يعكس صورة إيجابية للمجتمع.
 

في النهاية، يبقى موضوع التوازن بين الشهرة وجودة المحتوى من أكبر التحديات التي تواجه صناعة التأثير الرقمي في المغرب والعالم العربي بشكل عام. إذ يجب ألا تقتصر المعايير على الأرقام فقط، بل تشمل أيضًا الأثر الاجتماعي والثقافي، ومسؤولية التأثير في تشكيل وعي الجمهور، خاصة الشباب منهم. وهذا يتطلب تعاونًا مشتركًا بين صناع المحتوى، واللجان المنظمة، والجهات المختصة، لضمان بيئة رقمية صحية تتيح للجميع فرصة التعبير والإبداع، دون التخلي عن القيم الأخلاقية التي تحمي الفضاء العام وتثريه.


إلياس المالكي، أفضل مؤثر 2025، صناعة المحتوى الرقمي، السوشيال ميديا، المغرب، جدل، معايير الاختيار


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 7 يوليو/جويلية 2025
في نفس الركن