وأوضحت بنعلي، في كلمة أمام مشاركين من مؤسسات مالية دولية وجهات حكومية ومنظمات تعاون، أن المملكة المغربية تملك اليوم من المؤهلات والمؤسسات والخبرات ما يجعلها قادرة على بناء سوق كربون تنافسي ونزيه، يراعي الحوكمة البيئية ويعزز مسارات التنمية المستدامة.
وأضافت أن هذا الطموح الوطني لا يندرج فقط في إطار التزامات المغرب الدولية في مكافحة تغير المناخ، بل ينبع من قناعة راسخة بأن العمل المناخي هو رهان اقتصادي وأخلاقي على حد سواء. فالمغرب، بحسب الوزيرة، لا ينتظر إشارات الخارج، بل يقود مساره الخاص في بناء سوق للكربون يدمج العدالة الاجتماعية ويعزز الاستثمارات الخضراء.
وشددت بنعلي على ضرورة تسريع ملاءمة الإطار التشريعي والتنظيمي مع هذا التوجه، وتعزيز آليات الشفافية والتوزيع العادل للأرباح، مع تأمين سلامة المشاريع واحترام المعايير البيئية الدولية. وأكدت أن تعبئة التمويلات الخضراء والذكية تشكل تحديًا حاسمًا لنجاح هذا التحول.
كما ربطت الوزيرة بين سوق الكربون والسيادة الاقتصادية، معتبرة أن هذه السوق لم تعد مجرد أداة بيئية، بل أصبحت وسيلة سياسية واجتماعية لترسيخ انتقال طاقي عادل وشامل. وأشارت إلى أن المغرب راكم خلال العقود الماضية استثمارات ضخمة في الطاقات المتجددة، مما يتيح له اليوم دخول سوق الكربون من موقع قوة وتنافسية.
ولفتت إلى أن آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية، التي فرضت ضغوطًا على الاقتصاديات النامية، تحولت في السياق المغربي إلى فرصة لإطلاق سياسة صناعية جديدة منخفضة الكربون، خاصة في الصناعات التصديرية التي تطمح إلى الحفاظ على مكانتها في السوق العالمية.
واعتبرت الوزيرة أن شهادة الكربون لن تكون فقط وسيلة للامتثال التنظيمي، بل ستتحول تدريجيًا إلى أداة للمنافسة في سلاسل الإنتاج الدولية، وفرصة حقيقية لتعزيز موقع المغرب كبلد مصدر يتمتع بثقة الأسواق ويقدم منتوجًا نظيفًا.
وعرفت الندوة مناقشات موسعة حول مستقبل أسواق الكربون في إفريقيا، والفرص الاستثمارية المتاحة، والتحديات المؤسساتية والتمويلية، فيما تم التأكيد على أهمية جعل مدينة الدار البيضاء مركزًا ماليًا إقليميًا لسوق الكربون، بما يعزز مكانة المغرب كفاعل محوري في التحول الطاقي بالقارة