حياتنا

المغرب يُفعّل خطة استباقية شاملة لمواجهة خطر الجراد الصحراوي في الجنوب الشرقي


في سياق تصاعد التحذيرات الإقليمية من فورة جديدة للجراد الصحراوي بمنطقة شمال إفريقيا، سارعت السلطات المغربية إلى تفعيل خطة استباقية متعددة الأبعاد، تستهدف تحصين المناطق الأكثر عرضة لزحف الجراد، لاسيما بالجنوب الشرقي، في أقاليم زاكورة وطاطا والراشيدية، حيث تم رصد مؤشرات أولية على تكاثر أسراب اليافعين والمجنحين.



ويأتي هذا التحرك المغربي استجابة لمخاطر متصاعدة، أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) منذ مارس 2025، بعد تسجيل نشاط مكثف للجراد في الجزائر وتونس وليبيا وتشاد، ما يعكس الطبيعة العابرة للحدود لهذه الآفة، والحاجة إلى تنسيق إقليمي مستمر. وفي هذا الإطار، شارك المغرب في ورشة إقليمية بتونس لوضع خطة جماعية للتصدي المشترك، لا سيما في فصلي الصيف والخريف، حيث تبلغ دورة حياة الجراد ذروتها.
 

من خلال المعطيات التي كشف عنها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، يتضح أن المملكة اعتمدت مقاربة ميدانية دقيقة، ترتكز على الرصد المبكر والتدخل السريع. فمنذ منتصف مارس، تم الشروع في عمليات مسح وتحليل ميداني بمناطق وادي درعة وتافيلالت، وهي مناطق معروفة تاريخياً بكونها ممرات تقليدية لأسراب الجراد، ليتبع ذلك تنفيذ عمليات رش أرضية وجوية شملت أكثر من 12.500 هكتار حتى نهاية ماي، في تنسيق بين المركز الوطني لمكافحة الجراد وسلطات محلية وعناصر من الدرك الملكي.
 

ولعل ما يميز هذه الخطة هو الشمولية، إذ لا تقتصر على الجانب الميداني فقط، بل تمتد إلى الجانب اللوجستي والبشري. فقد تم تجهيز أسطول متكامل يتألف من 212 مركبة، 546 آلة رش مختلفة الأنواع، و6 طائرات TURBO TRUSH تمركزت بمناطق ساخنة، بينما تتولى القوات المسلحة الملكية الإشراف التقني على الرش الجوي. كما يجري حالياً تكوين وتدريب الموارد البشرية المتدخلة في هذه العملية، إلى جانب تهيئة مخزون استراتيجي من المبيدات المعتمدة.
 

أحد العناصر اللافتة في خطة التدخل، هو البعد التشاركي مع الساكنة المحلية. فوفق ما صرح به وزير الداخلية، يتم إشعار الساكنة ومربي النحل والمواشي مسبقاً قبل أي عملية رش، تفادياً لأي آثار جانبية. كما تسهر لجان مختلطة تضم ممثلي السلطات المحلية والدرك على مراقبة عمليات المعالجة.
 

حتى الآن، نجحت هذه الإجراءات في تجنيب المغرب أي خسائر في محاصيل الحبوب الربيعية، خاصة بوادي درعة وجنوب تافيلالت. غير أن السلطات لا تخفي قلقها من احتمالية تغير الوضع، خاصة مع استمرار الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ما قد يؤدي إلى بقاء أسراب الجراد داخل التراب الوطني، بدل هجرتها نحو الساحل الإفريقي.
 

وبالرغم من هذا النجاح المرحلي، فإن المخاطر المرتبطة بالجراد الصحراوي تظل قائمة، في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر على دورات تكاثره وانتشاره، وهو ما يضع أمام السلطات تحدي الحفاظ على مستوى الجاهزية العالي، واستمرار الاستثمار في الوسائل الوقائية والمراقبة الدقيقة


الجراد الصحراوي، المغرب، وزارة الداخلية، زاكورة، طاطا، الراشيدية، الرش الجوي، الرش الأرضي


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الأربعاء 2 يوليو/جويلية 2025
في نفس الركن