ويُعد قطاع نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في المغرب من القطاعات التي تتوفر على إمكانات اقتصادية هائلة، نظراً لما تحتويه هذه النفايات من معادن ثمينة مثل الذهب، والنحاس، والفضة، والبلاديوم، والألومنيوم، التي قيمتها السوقية تصل إلى ما يقارب 1.2 مليار درهم سنوياً.
ومع ذلك، فإن نسبة إعادة التدوير لا تتجاوز 13%، وهي نسبة متدنية مقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي التي تتجاوز نسبة إعادة التدوير فيها 70%. هذا الفارق الكبير يعكس ضعف البنية التحتية للنفايات، وانتشار القطاع غير المنظم الذي يستحوذ على حصة كبيرة من عمليات الجمع والتدوير، مما يحد من قدرة المغرب على الاستفادة من هذه الموارد القيمة.
تشكل الأسر المصدر الرئيسي لهذه النفايات بنسبة 74%، وهو ما يضع تحديات إضافية أمام منظومة الجمع والفرز، خاصة مع وجود تهريب غير رسمي لكميات كبيرة من هذه النفايات خارج المغرب، يصل إلى 5.1 مليون كيلوغرام سنوياً، منها 64% تُصدر عبر قنوات غير رسمية، هذه الظاهرة لا تعوق فقط الاستفادة الوطنية من الموارد الثمينة، بل تزيد أيضاً من تفاقم التلوث البيئي والصحي، لاسيما في البلدان المستقبلة لهذه النفايات مثل بعض دول إفريقيا، حيث يتم التخلص منها بشكل غير قانوني.
وقد حذر المجلس من مخاطر حرق هذه النفايات في المطامر العشوائية، التي تؤدي إلى انبعاث مواد خطيرة كالديوكسينات والمعادن الثقيلة والرصاص، مما يلوث الهواء والتربة والمياه الجوفية ويعرض صحة السكان والعاملين في القطاع غير المنظم للخطر. ويعد مطرح “أغبلوغبي” في أكرا-غانا من بين أكثر المواقع تلوثاً في العالم نتيجة لهذه الممارسات غير القانونية.
يرى المجلس أن التصدي لهذه الأزمة يتطلب بناء سلسلة قيمة وطنية مستدامة ومسؤولة، تكون جزءاً من استراتيجية وطنية للانتقال نحو الاقتصاد الدائري. ويشدد على ضرورة مراجعة التصنيف القانوني لنفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية الذي يصنفها حالياً ضمن النفايات الخطرة، وهو تصنيف يمنع تثمينها بشكل فعّال، ويقترح إدماج نفايات الألواح الشمسية ومعدات التنقل الكهربائي والهجين ضمن الإطار القانوني لضمان شمولية التدبير.
من بين التوصيات التي قدمها المجلس أيضاً: اعتماد مبادئ التصميم الإيكولوجي التي تشجع على الاستدامة وقابلية الإصلاح، فرض مسؤولية موسعة على المنتجين، إعداد مصنف موحد لمكونات هذه النفايات، إنشاء جرد وطني للمواد والمعادن الاستراتيجية، وتفعيل آليات تحفيزية مالية وجبائية تشجع الاستثمار في إعادة التدوير.
كما يؤكد المجلس على ضرورة تهيئة مطارح خاصة لهذه النفايات بمواصفات صحية وبيئية صارمة، وإدماج القطاع غير المنظم عبر تشجيع انتظام العاملين فيه ضمن تعاونيات منظمة، فضلاً عن اعتماد وسم إلزامي على الأجهزة يتضمن تحذيرات واضحة مثل “لا يُرمى في القمامة”، مع تقديم معلومات عن طرق الإصلاح والصيانة والمكونات الخطرة.
على المستوى الإقليمي، يدعو المجلس إلى تعزيز الشراكات الإفريقية لتنسيق الجهود في جمع النفايات وبناء سلسلة قيمة إقليمية متكاملة، مما يرفع من فرص النجاح في مواجهة هذه الأزمة البيئية العالمية.
بناءً على ذلك، يمثل التحدي المتعلق بنفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية فرصة للمغرب للتحول نحو اقتصاد دائري متقدم، يستثمر الموارد الضائعة ويحد من الأضرار البيئية، شريطة تبني سياسات فعالة، وتعاون بين القطاع العام والخاص، ورفع وعي المجتمع بأهمية هذا الملف الحيوي