حياتنا

السباحة نحو "الوهم الأوروبي": موجة جديدة من الهجرة السرية عبر شواطئ الفنيدق نحو سبتة المحتلة


في مشهد يعيد إلى الأذهان مشاهد الهجرة الجماعية التي هزّت الرأي العام قبل سنوات، عرفت مدينة الفنيدق المغربية، ليلة السبت 17 ماي 2025، محاولة جماعية جديدة للهجرة السرية نحو مدينة سبتة المحتلة، حيث أفادت وسائل إعلام إسبانية بأن ما بين 60 و80 مهاجراً حاولوا استغلال ظاهرة الجزر لعبور البحر سباحة نحو الأراضي الإسبانية.



اختراق ليلي و"عبور استثنائي"
بحسب صحيفة El Faro de Ceuta، فإن العديد من محاولات التسلل غير المعتادة تم رصدها عند حاجز الأمواج "تراخال"، الذي يمثل النقطة الحدودية المائية بين المغرب وسبتة. وقد نجح عدد غير قليل من هؤلاء "الحراگة" في الوصول فعلياً إلى سواحل سبتة، قبل أن تقوم السلطات الإسبانية بـتسليمهم إلى السلطات المغربية، في إطار التنسيق الحدودي المعتاد بين البلدين.

موجة جديدة صباح الأحد
لم تتوقف المحاولات عند ليلة السبت، إذ سجل صباح الأحد وصول 12 مهاجراً سابحاً إلى سبتة، بينما حاول أكثر من 40 شخصاً السباحة فجراً نحو الضفة الأخرى. وأطلقت السلطات الإسبانية، ممثلة في الدرك البحري والحرس المدني، عمليات إنقاذ عاجلة في عرض البحر، تم خلالها التدخل لإنقاذ عشرات الأشخاص من موت محقق.

تدخل مغربي في الوقت الحاسم
وبموازاة التحرك الإسباني، اضطرت قوارب الدوريات البحرية المغربية إلى التدخل، وتمكنت من إنقاذ نحو 30 مهاجراً من وسط المياه، بعدما اشتدت التيارات البحرية وبدأ الخطر يهدد حياتهم.

تساؤلات عن الأسباب والمآلات
هذه المحاولة الجديدة، التي تأتي بعد فترة من الهدوء النسبي على هذا المسار، تطرح عدة تساؤلات حول استمرار الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع عشرات الشبان المغاربة، وبعض الأفارقة جنوب الصحراء، إلى المغامرة بحياتهم في مياه المتوسط الباردة، هرباً من البطالة، وضيق الأفق، وفقدان الأمل في وطن لا يمنحهم فرصاً للعيش الكريم.

كما تكشف هذه الأحداث عن الهشاشة المزمنة للمنطقة الحدودية بين الفنيدق وسبتة، حيث يستغل المهاجرون الثغرات الطبيعية مثل ظاهرة الجزر، ونقص المراقبة في ساعات الليل، للقيام بمحاولاتهم اليائسة.

 حين تصبح السباحة نحو الموت بديلاً عن البقاء
في النهاية، يظل هذا المشهد المأساوي جرس إنذار لكل من يراهن على المقاربة الأمنية فقط في مواجهة ملف الهجرة السرية. فطالما أن جذور الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لم تُعالج، سيستمر البحر في ابتلاع مزيد من الأحلام، وسنسمع، مرة بعد أخرى، عن عشرات الشباب الذين اختاروا السباحة نحو "الوهم الأوروبي"، علّهم يجدون في الضفة الأخرى ما حُرموا منه في وطنهم.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 20 ماي 2025
في نفس الركن