ولفت والي بنك المغرب إلى أن جميع المنتجات أو العمليات المالية الجديدة التي تطرحها البنوك والمؤسسات المالية في إطار التمويل التشاركي تخضع لموافقة المجلس العلمي الأعلى، وهو الهيئة المختصة التي أصدرت حتى الآن ما يقارب 200 فتوى خلال نحو 400 اجتماع، بفضل الشراكة المتينة بين بنك المغرب ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وأوضح أن هذا المسار الطويل تميز بنقص واضح في الكفاءات المختصة، مما استلزم وقتاً إضافياً للتأطير والتهيئة التنظيمية لهذا القطاع، إذ لا تزال الهندسة المالية للتمويل التشاركي في طور النضوج رغم مرور خمس سنوات على بدء تطبيقه.
وأشار الجواهري إلى مؤشرات رقمية مهمة توضح حجم التمويلات التشاركية بالمغرب، حيث بلغ إجمالي التمويلات حوالي 35 مليار درهم، في حين وصلت الودائع تحت الطلب إلى حوالي 12 مليار درهم فقط، وهو ما يعكس وجود فجوة تمويلية كبيرة تؤثر سلباً على التوازن المالي المطلوب في هذا النموذج. وأكد أن مشكلة السيولة تمثل أكبر التحديات التي تواجه البنوك التشاركية، حيث عمل بنك المغرب، بالتنسيق مع المجلس العلمي الأعلى، على تطوير حلول تقنية شرعية لتجاوز هذه الأزمة، غير أن هذه الحلول لا تزال غير مستدامة على المدى الطويل. من هنا، يتم حالياً السعي إلى تعزيز حلول هيكلية من خلال إصدار صكوك سيادية لفائدة الدولة، وكذلك تمكين الأبناك التشاركية من إصدار صكوك خاصة بها لتعزيز مواردها المالية ودعم نشاطها التمويلي.
كما أكد والي بنك المغرب أن تحديات الحكامة والإدارة الاستراتيجية للبنوك التشاركية ما تزال قائمة وتتطلب تطوير استراتيجيات واضحة ومتطورة تتناسب مع خصوصية التمويل التشاركي، دون اقتصار الجهود على البنوك الكبرى فقط. وفي هذا السياق، أشاد بمشاركة المغرب الفعالة في اجتماعات مجلس الخدمات المالية الإسلامية، الذي يعد هيئة دولية مرجعية في مجال المالية الإسلامية تأسست عام 2003، حيث انضم المغرب كمراقب عام 2007 ثم كعضو كامل الحقوق عام 2012، ويشارك بانتظام في اجتماعات المجلس.
وذكر الجواهري أن المنتدى الـ23 للاستقرار المالي الإسلامي الذي تستضيفه الرباط يُعد محطة بالغة الأهمية في مسار تطور التمويل الإسلامي، ويشكل فرصة لتبادل الخبرات والرؤى بشأن سبل تعزيز استدامة النظام المالي الإسلامي في ظل التحديات الراهنة. وأكد أن التنسيق لا يقتصر على سوق التمويل فحسب، بل يمتد أيضاً إلى سوق التأمين، خاصة التأمين التكافلي، ما أسهم في توسيع المنظومة التشاركية تدريجياً، رغم أن هذا القطاع ما زال يسجل تأخراً نسبياً مقارنة بالإمكانات المتاحة