التمييز بين السر والمفاجأة يعد نقطة جوهرية. فالمفاجأة، مثل هدية عيد ميلاد أو رحلة غير معلنة، تحمل تاريخا زمنيا قصيرا وتنتهي بالكشف عنها لتجلب البهجة. أما السر، فيبقى مخفيا إلى أجل غير معلوم، وقد يتحول إلى عبء ثقيل على نفسية الطفل إذا كان يخفي أمورا سلبية أو مريبة.
ولكي يكتسب الطفل هذا الوعي، يحتاج إلى تواصل مفتوح وصادق مع والديه أو أشخاص بالغين يثق بهم. الحوار اليومي حول تفاصيل يومه، وتشجيعه على مشاركة مشاعره، يخلق مساحة آمنة تمنحه الثقة في أن قول الحقيقة لن يعرّضه للعقاب، بل سيحميه من الأذى.
كما ينصح الخبراء باستخدام أسلوب لعب الأدوار مع الأطفال، عبر تمثيل مواقف حياتية يُطلب منهم فيها كتمان أمر ما، ومناقشة ما إذا كان هذا السر مقبولا أو لا. بهذه الطريقة يتعلم الصغار، بشكل عملي، متى عليهم التحدث ومتى يمكنهم الصمت.
من المهم أيضا أن يتعرف الطفل على قواعد تخص جسده وحدوده الخاصة، مثل قاعدة "ملابس السباحة" التي تؤكد أن أي منطقة مغطاة بها لا يجوز لأحد لمسها. مثل هذه التوضيحات البسيطة تزرع في ذهنه مبدأ الاستقلالية الجسدية وتساعده على حماية نفسه في المواقف غير الآمنة.
في النهاية، تعليم الأطفال أن لا يحتفظوا بالأسرار السيئة ليس دعوة إلى انتهاك خصوصياتهم أو مطالبتهم بالكشف عن كل تفاصيل حياتهم، بل هو وسيلة لوقايتهم من المخاطر المحتملة. والفرق بين الخصوصية الصحية وكتمان ما يؤذيهم يجب أن يكون واضحا لديهم منذ الصغر، لأن الحماية تبدأ بالوعي، والوعي يبدأ بالحوار