ويأتي هذا النقاش في وقت تتصاعد فيه الضغوط داخل فرنسا لتشديد القيود على الرموز الدينية، خصوصًا مع تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة في بلد يحتضن واحدة من أكبر الجاليات المسلمة في أوروبا، ما يجعل هذه القضية أكثر حساسية.
وكان الأسبوع الماضي قد شهد تقديم مشروع قانون في الجمعية الوطنية من قبل لوران فوكييه، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الجمهوريين، يقضي بحظر ارتداء الحجاب على الفتيات القاصرات في الأماكن العامة. واعتبر نونيز، في مقابلة مع قناة تلفزيونية، أن هذا المقترح “يسيء للمواطنين المسلمين ويؤذي مشاعرهم”، مؤكدًا رفضه للطرح بصيغته الحالية.
وتجاوزت بعض المقترحات الحدود، حيث اقترحت كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ منع الصيام للأطفال دون سن 16 عامًا خلال شهر رمضان، ما أثار موجة جديدة من الجدل حول كيفية التعامل مع الممارسات الدينية في سن مبكرة.
وأكد نونيز على ضرورة أن تتعامل السلطات مع هذا الملف بحذر شديد، مشددًا على أهمية التركيز على مواجهة المتطرفين الذين يسعون لفرض فهم متشدد للدين على المجتمع بدلاً من احترام قوانين الجمهورية، مع الحفاظ على مبادئ العلمانية التي ينص عليها الدستور الفرنسي.
ورغم موقف وزير الداخلية، فإن التوازن داخل الحكومة لا يزال هشًا، في ظل ضغوط سياسية من أطراف حكومية تدعم حظر الحجاب على القاصرات بحجة “حماية الأطفال”، وهو ما أعلنته وزيرة المساواة أورور بيرج، مشيرة إلى وجود أغلبية برلمانية قد تصوت لصالح هذا المقترح، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي.
وسبق أن طرح حزب النهضة، بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون ورئاسة رئيس الوزراء السابق غابريال أتال، مبادرة في مايو الماضي، تقترح منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة للفتيات دون سن 15 عامًا، ما يظهر أن هذه القضية تتكرر ضمن أجندة سياسية متواصلة في فرنسا.
وتجدر الإشارة إلى أن القوانين الفرنسية الحالية، القائمة على مبادئ العلمانية، تمنع الموظفين العموميين والمعلمين والتلاميذ من ارتداء رموز دينية بارزة داخل المباني الحكومية، بما في ذلك المدارس العمومية، وتشمل هذه الرموز الصليب أو الكيباه أو العمامة أو الحجاب، في إطار الحرص على فصل الدين عن المؤسسات العامة وضمان حياد الدولة.
وتوضح هذه التطورات أن فرنسا تواجه تحديًا مزدوجًا، يتمثل في الموازنة بين احترام الحرية الدينية وحماية القيم العلمانية، وسط تزايد النفوذ السياسي للأحزاب اليمينية التي تستثمر هذه القضايا في حملاتها الانتخابية، مع انعكاسات محتملة على التماسك الاجتماعي وحقوق الأقليات المسلمة في البلاد