آخر الأخبار

وحيد القرن… كنز الطبيعة المهدد بالاندثار


ينتمي وحيد القرن إلى فصيلة الثدييات ضمن شعبة الحبليات من مملكة الحيوانات، ويحمل الاسم العلمي Diceros Bicornis وفق التصنيف العلمي الذي وضعه العالم كارلوس لينيوس. هذا الكائن العجيب، الذي يجمع بين القوة والهيبة، يتخذ من إفريقيا وآسيا موطناً له، خاصة في دول مثل جنوب إفريقيا وتنزانيا وكينيا، إلى جانب الهند ونيبال.



يتميز وحيد القرن بقرنه أو قرنيه اللذين يزينان مقدمة رأسه، والمكوّنين من مادة الكيراتين، وهي نفسها التي تتكون منها أظافر الإنسان وشعره. ويعد من أضخم الكائنات البرية، إذ يتراوح طوله بين 1.5 و2.5 متر، فيما يتجاوز وزنه ثلاثة أطنان.

لكن هذا العملاق المسالم يعيش اليوم تحت تهديد حقيقي بالانقراض. فالصيد الجائر يطارد وجوده بلا رحمة، مدفوعاً بأوهام حول “القيمة الطبية” لقرونه، وبجشع الصناعات التي تستخدمها في الحلي والمجوهرات. إلى جانب ذلك، تتفاقم الأخطار بفعل تغير المناخ وفقدان المواطن الطبيعية نتيجة الزحف العمراني والانقلابات البيئية.

وحسب تقرير صادر سنة 2024 عن إدارة إحدى المحميات بجنوب إفريقيا، فإن أعداد وحيد القرن في القارة لم تعد تتجاوز 27 ألفاً فقط، في رقم ينذر بالخطر. ويكشف التقرير أن الصيد غير المشروع هو السبب الأول وراء تراجع أعداده، في وقت تتزايد فيه الضغوط على النظم البيئية التي تؤويه.

ورغم هذه التحديات، تبذل المنظمات الدولية والهيئات البيئية جهوداً حثيثة لإنقاذ هذا الحيوان المهدد، عبر إنشاء محميات محمية، وتشديد الرقابة على الصيد، وتوعية المجتمعات المحلية في إفريقيا وآسيا بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي. غير أن هذه الجهود، على أهميتها، لن تكون كافية ما لم يشارك فيها الجميع؛ فكل فرد يمكن أن يكون جزءاً من الحل، سواء عبر نشر الوعي البيئي، أو دعم السياسات التي تحمي الحياة البرية، أو من خلال مقاطعة المنتجات التي تعتمد على مواد مستخرجة من الحيوانات المهددة بالانقراض.

إن حماية وحيد القرن ليست مجرد مسألة بيئية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية تمس جوهر علاقتنا بالطبيعة. فاختفاؤه لن يعني فقدان كائن جميل فحسب، بل اختلال توازن بيئي كامل تتداخل فيه عناصر الحياة على الأرض.

من هنا، يصبح الحفاظ على هذا الكائن رمزاً لاحترامنا للطبيعة ومسؤوليتنا تجاه الأجيال القادمة. علينا أن نضمن أن تبقى صورة وحيد القرن حية في الغابات والسهول، لا أن تتحول إلى ذكرى في الكتب والصور.
فكما تقول الحكمة البيئية:

“حين نحمي مخلوقاً من الفناء، فإننا نحمي جزءاً من أنفسنا.”

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 3 نونبر 2025
في نفس الركن