حياتنا

هيئة النزاهة: المغرب يواجه ثباتاً مقلقاً في مؤشرات الفساد رغم عقد من الإصلاحات


ما زالت معركة المغرب ضد الفساد تواجه اختبارات صعبة رغم الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي انخرطت فيها الدولة خلال العقد الأخير. هذا ما أكدته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، التي رسمت في عرضها أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب صورة مقلقة عن ثبات مؤشرات الفساد في المملكة منذ سنة 2012، محذّرة من أن الوضع لم يسجل أي تحسن ملموس رغم الجهود المتواصلة.



التقرير أبرز أن المغرب حصل سنة 2024 على 37 نقطة فقط من أصل 100 في مؤشر مدركات الفساد، وهو المعدل ذاته المسجل قبل أكثر من عقد، ما يعكس وفق الهيئة “ثباتاً سلبياً في القدرة على مكافحة الفساد”. هذا الجمود، تضيف الهيئة، يعبر عن عمق التحديات البنيوية التي ما تزال تعيق ترسيخ قيم الشفافية والمساءلة، رغم حزمة القوانين والبرامج التي أطلقتها الدولة منذ إحداث الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
 

المعطيات الدولية التي أوردتها الهيئة كشفت عن تراجع مقلق في مؤشرات سيادة القانون والحكامة. فبعدما كان المغرب يحتل المرتبة 47 في مؤشر سيادة القانون سنة 2015، تراجع إلى المرتبة 95 سنة 2024، وهو ما يعكس ضعف آليات الإنفاذ والمحاسبة. كما أظهر مؤشر بيرتلسمان للتحول السياسي (BTI) فقدان المملكة لتقدمها السابق، منتقلة من المرتبة 74 سنة 2006 إلى المرتبة 106 سنة 2024، بسبب انخفاض المشاركة السياسية وتراجع الاندماج الاجتماعي وضعف الثقة في المؤسسات.
 

أما على مستوى الحكامة، فقد سجل التقرير انخفاضاً جديداً في معدل الأداء، حيث حصل المغرب سنة 2024 على 4.63 نقطة بانخفاض قدره 0.21 مقارنة بسنة 2022، وهو تراجع أرجعته الهيئة إلى ضعف بناء التوافقات الوطنية وتراجع فعالية المؤسسات. كما أن مؤشر مصفوفة مخاطر الرشوة (Trace Bribery Matrix) أظهر درجة 56 مقابل متوسط عالمي يبلغ 48.74، مما يشير إلى ارتفاع نسبي في مخاطر الرشوة، في حين ارتفع مؤشر شفافية الحكومة من 64 إلى 65، ما يعكس زيادة في مستوى الخطر الإداري.
 

وأوضحت الهيئة أن هذه المؤشرات السلبية لا ترتبط فقط بغياب الردع أو ضعف القوانين، بل تعكس خللاً أعمق في التنسيق المؤسساتي وفي غياب آلية وطنية موحدة لمتابعة الإصلاحات وتقييمها بانتظام. لذلك دعت إلى تعبئة وطنية شاملة تشارك فيها كل القوى الحكومية والمجتمعية من أجل تحويل مكافحة الفساد إلى ورش وطني دائم وليس مجرد شعار ظرفي.
 

وربطت الهيئة بين تحسين ترتيب المغرب في المؤشرات الدولية وبين تعزيز مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمار، معتبرة أن الثقة في المؤسسات والشفافية في تدبير الشأن العام تشكلان أساساً لأي تحول اقتصادي مستدام. فكل تقدم في مجالات النزاهة والمساءلة وسيادة القانون، تضيف الهيئة، ينعكس مباشرة على صورة البلاد وعلى استقرارها الاقتصادي.


الفساد، هيئة النزاهة، الرشوة، مؤشرات دولية، سيادة القانون


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



السبت 8 نونبر 2025
في نفس الركن