يمثل قرار إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق، التي أُغلقت منذ 2012 بسبب الأزمة السورية، نقطة مفصلية في استعادة العلاقات الدبلوماسية والتعاون بين الرباط ودمشق، هذه الخطوة بل تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية واجتماعية تسهم في ترسيخ استقرار المنطقة، إذ تشير إلى رغبة المغرب في لعب دور أكثر فاعلية في دعم استقرار سوريا وتعزيز آفاق التعاون المشترك، مع الحفاظ على مبدأ السيادة والوحدة الوطنية، وهو ما يُعد موقفًا متوازنًا يعكس الحكمة في التعامل مع ملف حساس كالأزمة السورية.
وتأتي زيارة البعثة المغربية المشتركة مع المسؤولين السوريين لتؤكد جدية المغرب في متابعة ملف إعادة فتح السفارة عبر خطوات عملية تنعكس على الأرض. فقد شملت هذه الزيارة مناقشات لوجستية وقانونية تهدف إلى تسهيل العملية وضمان نجاحها، مما يوضح حرص المغرب على بناء جسور قوية ومتينة مع سوريا، مبنية على احترام متبادل ومصالح مشتركة، مع التركيز على تجاوز سنوات الانقطاع التي أثرت سلبًا على العلاقات بين البلدين.
ومن هذا المنطلق، تؤكد التصريحات الرسمية، سواء من جانب الملك محمد السادس أو من مسؤولين سوريين كبار، على أهمية هذه المرحلة الجديدة التي تفتح آفاقًا رحبة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة. كما تعكس هذه الخطوة احترام المغرب للمعاناة السورية، ودعمه للشعب السوري في مسيرته نحو الأمن والاستقرار، دون المساس بوحدة الأراضي السورية، ما يُبرز التزام المغرب بمبادئ الشرعية الدولية ودعمه لمواقف حيوية في السياسة الخارجية العربية.
ولا شك أن قرار إعادة فتح السفارة وتطهير المشهد الدبلوماسي من أي وجود انفصالي في دمشق يحمل رسالة واضحة لكل الفاعلين الإقليميين والدوليين حول حسم المغرب لقضيته الوطنية وحرصه على تطوير علاقاته مع الدول العربية في إطار احترام السيادة ووحدة الأراضي. وهذا التوجه يعزز مكانة المغرب كفاعل مسؤول يسعى إلى تحقيق توازنات دبلوماسية تواكب التحولات في المنطقة، ويدعم في الوقت نفسه استقرار دول الجوار وتعزيز التكامل العربي.
وبشكل عام، يشكل هذا الحدث محطة فارقة في تاريخ العلاقات المغربية-السورية، حيث تجاوزت التوترات السابقة نحو بناء شراكة متجددة تعكس تطلعات مشتركة للسلام والتنمية. ولا شك أن نجاح هذه المبادرة سيتطلب استمرارية التواصل والتعاون، مع ضرورة تعزيز الثقة بين الطرفين لتجاوز الأزمات السابقة وتحقيق أهداف استراتيجية تخدم مصالح الشعبين الشقيقين في المستقبل القريب
إعادة فتح السفارة المغربية، دمشق، الأزمة السورية، المغرب، سوريا، العلاقات الدبلوماسية، البوليساريو، الوحدة الترابية