تركز الإضرابات بشكل رئيسي على قطاعات النقل والتعليم والإدارات العامة، مع تفاوت في التأثيرات بين المدن والمناطق الفرنسية المختلفة، حيث أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن حركة القطارات ستتأثر بشكل واضح في السكة الحديدية الوطنية، مع احتمال تسجيل تأخيرات وإلغاء بعض الرحلات، بينما ستشهد هيئة النقل المستقلة بباريس وضواحيها تباطؤًا في حركة الحافلات والقطارات المترو خلال الفترة الممتدة من الاثنين إلى الأربعاء.
أما على صعيد النقل الجوي، فقد أعلنت نقابتا طيارين في الخطوط الجوية الفرنسية عن إطلاق تحركات احتجاجية اليوم وغدًا الأربعاء، احتجاجًا على قرار الشركة حذف وظائف محددة، وهو ما قد يؤدي إلى إلغاء بعض الرحلات أو تعديل جداول الطيران في مطارات باريس والمناطق الكبرى.
وفي قطاع التعليم، من المتوقع أن يسجل غيابات واسعة في صفوف المعلمين بالمرحلتين الابتدائية والثانوية، ما قد يدفع بعض المدارس إلى الاكتفاء بتقديم الحد الأدنى من الخدمات أو إغلاق مؤقت للمدارس بالكامل، حسب القرارات التي ستتخذها البلديات. وتشير النقابات إلى أن الإضراب يهدف إلى الاحتجاج على حذف أكثر من أربعة آلاف منصب في التعليم الثانوي وتقليص عدد الوظائف في التعليم الابتدائي، كما قد تتأثر خدمات المطاعم المدرسية واستقبال التلاميذ في الفترتين الصباحية والمسائية، إلى جانب الأنشطة الموازية للدراسة.
ولم يقتصر نطاق الإضراب على التعليم والنقل، بل شمل أيضًا الموظفين العموميين العاملين في الدولة والجماعات المحلية، ما يُتوقع أن يؤدي إلى تباطؤ في تقديم الخدمات الإدارية، وإغلاق مؤقت لبعض الشبابيك، وتأجيل مواعيد استخراج وثائق الهوية وإنجاز الإجراءات الاجتماعية. كما أكدت النقابات أن بعض المؤسسات الصحية ستطبق خدمة الحد الأدنى، مع حضور محدود للموظفين غير المضربين، وهو ما قد يؤثر على وتيرة استقبال المرضى وتقديم الرعاية في المستشفيات والعيادات العمومية.
ويشير محللون إلى أن هذه التحركات العمالية تأتي في وقت حساس سياسيًا واجتماعيًا في فرنسا، حيث تسعى الحكومة إلى تنفيذ مشروع ميزانية 2026 الذي يتضمن إجراءات تقشفية، بينما تحذر النقابات من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تفاقم الاحتجاجات ورفع سقف التحركات الاحتجاجية في المستقبل القريب.
وبالرغم من الإجراءات الاحترازية التي تتخذها السلطات لضمان سير الحياة العامة، فإن تأثير الإضرابات سيكون ملموسًا على المواطنين، سواء في التنقل اليومي، أو متابعة التعليم، أو الحصول على الخدمات الإدارية والصحية الضرورية، مما يضع الحكومة الفرنسية أمام تحدٍ مزدوج بين تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية واحتواء الغضب الاجتماعي