آخر الأخبار

نزار بركة يقرّ بالإخفاق: مليون منصب شغل في أفق 2026... حلم يتبخر؟


في لحظة نادرة من الصراحة السياسية، اعترف نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، بعدم قدرة الحكومة الحالية على الوفاء بأحد أبرز وعودها: خلق مليون منصب شغل خلال الولاية الحكومية الممتدة إلى غاية 2026. تصريح يضع إصبعاً مباشراً على الجرح المزمن الذي تعانيه سوق الشغل في المغرب، ويعيد طرح الأسئلة القديمة الجديدة حول واقعية البرامج الحكومية، وفعالية أدوات التنفيذ، وحجم التحديات البنيوية التي تعترض طريق التشغيل.



"صافي، ميمكنش نحققو مليون منصب"
كلمات نزار بركة، خلال دورة المجلس الوطني لحزب الاستقلال، كانت واضحة: "صافي، ميمكنش نحققو مليون منصب شغل من هنا لـ2026". هذا الاعتراف، وإن كان يحمل في طياته جرأة سياسية تحسب للرجل، إلا أنه يعرّي في المقابل هشاشة الرؤية الحكومية في معالجة واحدة من أعقد القضايا الاجتماعية: البطالة.

فمن أصل مليون فرصة موعودة، تم خلق حوالي 180 ألف منصب شغل صافي خلال الفصل الأول من سنة 2025. وبالرغم من أن الرقم يمثل تحسناً مقارنة بالفصل نفسه من العام السابق الذي شهد فقدان 80 ألف منصب، إلا أنه يبقى بعيداً عن وتيرة الإنجاز المطلوبة لتحقيق الهدف.

استثمار عمومي مرتفع... ولكن!
يرى بركة أن هذه التحسن النسبي يعود إلى الدينامية الجديدة في الاستثمار العمومي، الذي بلغ حجمه 340 مليار درهم سنة 2025 مقابل 220 مليار فقط سنة 2020. كما أشار إلى أن ميزانية الاستثمار داخل قطاعه الوزاري ارتفعت من 40 إلى 70 مليار درهم، ما يعكس رغبة الدولة في استخدام ورقة الاستثمار كرافعة لتشغيل الشباب وتنشيط الاقتصاد.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل الاستثمار العمومي، لوحده، قادر على خلق مناصب شغل مستدامة؟ أم أننا بحاجة إلى إصلاحات أعمق تمس مناخ الأعمال، والتحفيز الضريبي، وجودة التعليم والتكوين المهني؟

"الجشع التضخمي"... عدو آخر للمواطن
في نفس السياق، لم يتردد بركة في مهاجمة المضاربين والوسطاء الذين يستغلون الظرفية التضخمية لتحقيق أرباح غير مشروعة. واصفاً سلوكهم بـ"الجشع التضخمي" الذي يضاعف من معاناة الأسر المغربية. هذا التوصيف يعكس وعياً حكومياً متنامياً بأن الأزمة الاقتصادية ليست فقط نتاج ظروف خارجية، بل أيضاً نابعة من اختلالات داخلية، تتطلب مواجهة حازمة.

التحالف الحكومي... انسجام مهدَّد؟
وفي رسالة داخلية موجهة لحلفائه في الأغلبية، حذّر بركة من مغبة الدخول المبكر في صراع انتخابي على المرتبة الأولى سنة 2026، مشيراً إلى أن هذا الانشغال بالحسابات السياسية قد يُضعف الأداء الحكومي ويُجهض ما تبقى من فرص الإصلاح. دعوة للتعقل تفتح الباب أمام نقاش أكبر: هل الأغلبية منسجمة فعلاً؟ أم أن شبح الانتخابات المقبلة بدأ يُفرّغ العمل الحكومي من محتواه؟

تصريحات نزار بركة ليست مجرد تقييم مرحلي، بل مؤشر على تحول في الخطاب السياسي، من الوعود المطلقة إلى الواقعية المحسوبة. لكنها في المقابل تُظهر حجم المأزق الذي تواجهه الحكومة في ملف حساس كالعمل، وتضعها أمام امتحان مزدوج: كيف تُقنع المواطن بصدق النوايا، وكيف تُنجز في ظل ظرفية معقدة إقليمياً ودولياً.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 19 ماي 2025
في نفس الركن