وتبرز الآفاق التي يفتحها هذا المركز انطلاقا من تموقعه داخل مجمع ميناء طنجة المتوسط، المصنف ضمن أهم الموانئ بالعالم من حيث الربط البحري والقدرة اللوجستية. ويتيح هذا الموقع لمبادرة القهوة الإفريقية الاستفادة من بنية تحتية قوية، ومن سرعة في المعالجة والتصدير، مما يجعل المغرب نقطة ارتكاز طبيعية لمشروع يسعى إلى إعادة الاعتبار للمنتجين الأفارقة ورفع حصتهم من القيمة المضافة.
وتقوم فلسفة المشروع على بناء منظومة توريد جديدة تعتمد على الشراء المباشر من المنتجين الأفارقة وتجميع المحصول ومراقبة جودته داخل المغرب، قبل توجيهه للأسواق العالمية في زمن قياسي. ويتيح هذا التحول التخلص من تكاليف سلاسل التوريد الطويلة وغير العادلة، مع منح الدول المنتجة إمكانية استرجاع موقعها في السوق العالمي ودعم استدامة مزارع القهوة.
ويمثل البعد الاقتصادي والاجتماعي أحد أعمدة هذه المبادرة، إذ يُرتقب أن يضمن “African Coffee Hub” أسعارا أكثر إنصافا للمنتجين، ورفع دخل آلاف الأسر الإفريقية، إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة في مراحل الفرز والتحضير والتعليب. كما يعزز المشروع الدبلوماسية الاقتصادية للمغرب، التي تقوم على تطوير سلاسل قيمة إفريقية مشتركة، وفتح آفاق جديدة للتكامل القاري.
ولا يقتصر المشروع على الجانب التجاري، بل يشمل كذلك الرهان على الجودة والتتبع الصارم لرحلة الحبة الإفريقية “من المزرعة إلى الفنجان”، مع التركيز على أجود الأنواع مثل بن إثيوبيا وكينيا ورواندا، التي تشكل قاعدة أساسية لصناعة الإسبريسو في العالم. وبفضل هذا النظام الرقمي المتكامل، يسعى المركز إلى ضمان الشفافية الكاملة في مراحل الإنتاج والمعالجة والتسويق.
ويعكس اختيار المغرب لاحتضان هذا المركز إدراكا لطبيعة مكانته الجغرافية ودوره المتنامي كجسر اقتصادي بين إفريقيا وباقي القارات. ويعد ميناء طنجة المتوسط الفضاء الأمثل لإطلاق مبادرة بهذا الحجم، لما يوفره من سرعة العبور والربط المباشر بأكثر من 180 ميناء عالميا، مما يمنح القهوة الإفريقية طريقا مفتوحا نحو العالمية دون المرور بقنوات وسيطة.
ومن المرتقب أن يكشف “African Coffee Hub” خلال الأسابيع المقبلة عن أولى الاتفاقيات مع الدول المنتجة، إضافة إلى تفاصيل برنامجه العملياتي وشبكة شركائه اللوجستيين، في خطوة ستمهد للافتتاح الرسمي للمركز الذي سيشكل نقطة تحول حقيقية في اقتصاد القهوة الإفريقي