رهان لإعادة الإدماج أم اختبار للمؤسسات؟
الأنشطة المقترحة تبدو متعقلة وبنّاءة: أشغال بسيطة في الورشات الحرفية، أعمال الصيانة والتنظيف والبستنة في مراكز التكوين والأسواق النموذجية، دعم لوجيستي لترتيب أدوات الإنتاج وتجهيز الفضاءات قبل الورشات أو المعارض، إضافة إلى مهام إدارية مساندة مثل الأرشفة والمساعدة في حملات تحسيسية. وزارات كالصحة والتربية والفلاحة أعدت هي الأخرى لائحة وظائف منسجمة مع طبيعة مؤسساتها: استقبال ومرافقة، دعم إداري، تنظيف وتعقيم، ومهام ميدانية في المدارس الفلاحية والضيعات.
ما يميّز هذا النهج هو انتقاله من المنطق العقابي المحض إلى منطق الإصلاح: العمل يُعرض هنا كأداة لاكتساب عادات مهنية، واكتساب خبرة عملية تحت إشراف مهنيين ومؤطرين، مع الإبقاء على احترام قواعد الملكية الفكرية ومتطلبات التكوين. بهذه الصيغة تتحول العقوبة إلى فرصة لتقوية الروابط بين الجهاز التأديبي والمجتمع المدني والقطاعات العامة، وقد تقلّص من احتمال العودة إلى الجريمة إذا ترافق التطبيق مع متابعة نفسية وتكوين حقيقي.
لكن الطريق ليس سالكاً دون مخاطر. الخطر الأول يكمن في الاستغلال: تحويل اليد العاملة المحكوم عليها إلى قوة تشغيل رخيصة في ورشات دون مقابل أو حماية قانونية كافية. الثاني يرتبط بالسلامة المهنية والحقوق: تهيئة فضاءات آمنة، توفير معدات الحماية، وضمان عدم إشراك المحكوم عليهم في أعمال خطرة تتجاوز مستوى تكوينهم. ثالثاً، توجد بواعث قلق اجتماعي ترتبط بالوصم الاجتماعي وفرص إعادة الإدماج الفعلية بعد انتهاء فترة العقوبة.
ولتفادي هذه السلبيات، يشدد القائمون على ضرورة إبرام اتفاقيات واضحة بين المندوبية والقطاعات المعنية تحدد المهام، شروط الإشراف، آليات التكوين، وأطر المتابعة والتقييم. كما توصي الخبرات بأن يتضمن التطبيق مداخل تربوية ونفسية تواكب العمل الميداني، وأن تفتح أبوابَ التدريب المهني المعترف به رسمياً حتى يتحول «العمل لأجل المنفعة العامة» إلى جسْر حقيقي نحو فرص شغل مشروعة.
في المحصلة، إذا أحسن تطبيقه بضوابط صارمة وحماية قانونية ومراقبة مستمرة، يمكن لهذا البرنامج أن يخفف ضغط السجون، ويمنح المحكومين مهارات عملية وكرامة عمل، ويخدم مؤسسات عامة تحتاج إلى موارد بشرية لأعمال بسيطة ومفيدة. وإن أخفق في ذلك، فستتحول المبادرة إلى تكرار لعقود من الإقصاء الاجتماعي تستغل اليد العاملة دون أن تُنتج اصلاحاً حقيقياً.
ما يميّز هذا النهج هو انتقاله من المنطق العقابي المحض إلى منطق الإصلاح: العمل يُعرض هنا كأداة لاكتساب عادات مهنية، واكتساب خبرة عملية تحت إشراف مهنيين ومؤطرين، مع الإبقاء على احترام قواعد الملكية الفكرية ومتطلبات التكوين. بهذه الصيغة تتحول العقوبة إلى فرصة لتقوية الروابط بين الجهاز التأديبي والمجتمع المدني والقطاعات العامة، وقد تقلّص من احتمال العودة إلى الجريمة إذا ترافق التطبيق مع متابعة نفسية وتكوين حقيقي.
لكن الطريق ليس سالكاً دون مخاطر. الخطر الأول يكمن في الاستغلال: تحويل اليد العاملة المحكوم عليها إلى قوة تشغيل رخيصة في ورشات دون مقابل أو حماية قانونية كافية. الثاني يرتبط بالسلامة المهنية والحقوق: تهيئة فضاءات آمنة، توفير معدات الحماية، وضمان عدم إشراك المحكوم عليهم في أعمال خطرة تتجاوز مستوى تكوينهم. ثالثاً، توجد بواعث قلق اجتماعي ترتبط بالوصم الاجتماعي وفرص إعادة الإدماج الفعلية بعد انتهاء فترة العقوبة.
ولتفادي هذه السلبيات، يشدد القائمون على ضرورة إبرام اتفاقيات واضحة بين المندوبية والقطاعات المعنية تحدد المهام، شروط الإشراف، آليات التكوين، وأطر المتابعة والتقييم. كما توصي الخبرات بأن يتضمن التطبيق مداخل تربوية ونفسية تواكب العمل الميداني، وأن تفتح أبوابَ التدريب المهني المعترف به رسمياً حتى يتحول «العمل لأجل المنفعة العامة» إلى جسْر حقيقي نحو فرص شغل مشروعة.
في المحصلة، إذا أحسن تطبيقه بضوابط صارمة وحماية قانونية ومراقبة مستمرة، يمكن لهذا البرنامج أن يخفف ضغط السجون، ويمنح المحكومين مهارات عملية وكرامة عمل، ويخدم مؤسسات عامة تحتاج إلى موارد بشرية لأعمال بسيطة ومفيدة. وإن أخفق في ذلك، فستتحول المبادرة إلى تكرار لعقود من الإقصاء الاجتماعي تستغل اليد العاملة دون أن تُنتج اصلاحاً حقيقياً.
بقلم هند الدبالي