أخبار بلا حدود

مكافحة الإرهاب في تونس بين حماية الدولة وتصفية الحسابات السياسية


في الوقت الذي أنشئ فيه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب ليكون آلية أساسية لحماية الدولة والمجتمع من التهديدات الإرهابية، أضحى في السنوات الأخيرة محط جدل واسع بسبب تحوله – بحسب مراقبين – إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية وملاحقة الصحافيين والمعارضين، وهو ما يثير قلقاً متزايداً بشأن مستقبل التجربة الديمقراطية الناشئة في البلاد.



فبعد أن كان الهدف المعلن هو ملاحقة الشبكات والخلايا الإرهابية، باتت قضايا عديدة تُطرح أمام هذا القطب تحت عناوين فضفاضة مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “الانتماء إلى تنظيمات مشبوهة”، وهو ما اعتبره خبراء ومتابعون توجهاً خطيراً يفتح الباب أمام التساؤل: هل تحولت مكافحة الإرهاب إلى غطاء قانوني للقمع السياسي؟

ويشير هؤلاء إلى أن التمويلات الخارجية الموجهة في الأصل لتعزيز قدرات تونس في مواجهة التحديات الأمنية، يتم توظيفها في محاكمات ذات طابع سياسي، ما يشكل انحرافاً عن الهدف الأساسي ويثير مخاوف بشأن شرعية هذه الممارسات وتداعياتها على الحقوق والحريات.

وتحذر منظمات محلية ودولية من هذا المنحى، مؤكدة ضرورة إعادة توجيه موارد مكافحة الإرهاب نحو وظيفتها الحقيقية، المتمثلة في التصدي للتهديدات الإرهابية الفعلية، بدل استغلالها في ملاحقة الأصوات المعارضة. كما تشدد هذه المنظمات على أهمية ضمان استقلالية القضاء، ووضع قيود واضحة على صلاحيات السلطة التنفيذية، بما يحفظ التوازن بين حماية الأمن الوطني واحترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وبينما يتصاعد الجدل، يبقى مستقبل التجربة الديمقراطية في تونس مرهوناً بقدرة مؤسسات الدولة على إعادة ضبط مسار مكافحة الإرهاب، وتحصينها من أي توظيف سياسي يهدد المكتسبات الديمقراطية التي حققتها البلاد بعد ثورة 2011.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 2 شتنبر 2025
في نفس الركن