هي أخواتها

مقابلة مع "كُونِي امرأة": مكافحة التمييز الجنسي وتعزيز الحريات الفردية


عزيزاتي القارئات والقرّاء، اليوم كان لنا شرف تنفيذ مقابلة حصرية مع مؤسِّسة صفحة إنستغرام تتميز بالتزامها الثابت في مكافحة التمييز الجنسي المؤسَّس وتعزيز الحريات الفردية.



سلمى لبطر

"كُونِي امرأة" لا يقتصر على أن يكون حسابًا بسيطًا على إنستغرام، بل أصبح حركة حقيقية للتوعية تسعى إلى تحدي الأعراف الضارة التي لا تزال مستمرة في مجتمعنا. من خلال منشوراتها الصادمة والشهادات المؤثرة والمناقشات المفتوحة، أصبحت هذه الصفحة صوتًا قويًا من أجل المساواة بين الجنسين وتحرير المرأة.

خلال لقائنا، تطرقنا إلى مواضيع متنوعة، بما في ذلك أصول "كُونِي امرأة" وتكوين هذه المبادرة. استكشفنا أيضًا معركة هذه الحركة ضد التمييز الجنسي المؤسَّس والأفكار السائدة المتجذرة بعمق. بالإضافة إلى ذلك، ناقشنا الإجراءات العملية التي تقوم بها "كُونِي امرأة" لتغيير العقليات وإلهام تغيير حقيقي.

تقدم هذه المقابلة نظرة شيقة على الروح الرؤيوية التي تحرك "كُونِي امرأة" وتسلط الضوء على أهمية مكافحة التفاوت بين الجنسين. عندما تستكشفون التفكير والآراء المشتركة التي تشاركها "كُونِي امرأة"، ستكتشفون مصدر إلهام وتحفيز للمساهمة في مستقبل أكثر تكافؤًا واحترامًا للحريات الفردية.
هل يمكنك تقديم نبذة موجزة عنك؟

أنا في الـ31 من عمري وأعمل في مجال الاستشارات. وُلدت ونشأت في الدار البيضاء، ثم ذهبت إلى فرنسا لمتابعة دراستي، حيث قضيت العديد من سنوات حياتي البالغة. عند عودتي إلى المغرب، شعرت بالاضطراب بسبب بعض التصرفات الجنسية المُهينة، التي لم ألاحظها بنفس القدر عندما كنت أصغر سنًا. هذا ما دفعني لالتزام النشاط.
هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة موجزة عن حركة "كُونِي امرأة" وهدفها الرئيسي؟

"كُونِي امرأة" هو حركة توعوية ضد التمييز الجنسي المؤسس. تطلق عليه تسمية "مؤسَّس" لأنه موجود في قوانيننا ومؤسساتنا ومتجذر بشكل جيد في مجتمعنا. لاحظت أن العديد من النساء حولي يُشعرن بالغضب تجاه ذلك أيضًا، دون معرفة كيفية التصرف، وأحيانًا بأمل ضئيل في تغيير الأمور. هدف الصفحة هو إعادة الأمل لهؤلاء النساء والنضال من أجل حقوقنا وحرياتنا الأساسية.
ما هي التحديات الرئيسية التي تواجهها المرأة المغربية في مجال التمييز الجنسي المؤسس؟


أعتقد أن التحدي الأول يكمن في القانون، خاصة في القانون الجنائي والمدونة الشخصية (مدونة الأسرة)، حيث تحتوي على مواد تتضمن تمييزًا جنسيًا واضحًا ومزعومًا وتحرمنا من حقوقنا الأساسية. يمكننا أن نذكر العديد من الأمثلة: وصاية الطفل المحجوزة للأب، فقدان حضانة الطفل في حالة زواج الأم من جديد، السماح بالتعددية الزوجية، زواج القاصرين (والذي يشمل بالغالب الفتيات)، عدم حرية تصرفنا في أجسادنا من خلال حظر الإجهاض، تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج (التي تؤثر بشكل أساسي على النساء، خاصة في حالات الاغتصاب و/أو الحمل خارج إطار الزواج)، وغيرها... آمل أن نتغير بعض هذه الأحكام في إطار الإصلاح المعلن للمدونة الشخصية.

التحدي الآخر هو التحدي المتعلق بعقليات بعض الأشخاص وثقل المجتمع. تتجلى الرؤية البطرشية للمجتمع في كل مكان، من المدرسة إلى محيط العمل، ومرورًا بالخلية الأسرية، وحتى النظام القضائي. وتظهر هذه الرؤية من خلال العديد من الظواهر المختلفة جدًا: الهوس بعذرية المرأة، التحرش في الشوارع، تساهل القضاة في قضايا الاغتصاب، وما إلى ذلك.
كيف تقوم حركة "كوني امرأة" بتوعية الأفراد وتعبئتهم لمكافحة أشكال التمييز وتعزيز حقوق المرأة؟


تتم هذه التوعية من خلال نشر مقالات إعلامية توضح المعلومات وتحث على التفاعل. الفكرة هي إبلاغ المغاربة بجميع التمييزات الجنسية الموجودة، سواء كانت تمييزات واضحة وملموسة (مثل القوانين) أو ظواهر انعدام الوعي (مثل النظام الأبوي). لاحظت أن العديد من الأشخاص لا يدركون مدى تمييز قوانيننا على سبيل المثال، لذا الفكرة في المقام الأول هي إبلاغهم بدقة ثم تحفيزهم للتفاعل. 
احيانا، تكون مقالاتي أكثر تحريضًا عندما أجد أنني أواجه حالة ظالمة بشكل عميق.

بالإضافة إلى ذلك، نقوم كثيرًا بأنشطة جماعية مع المتحمسين و المتحمسات المغاربة، والتي تؤتي ثمارها. على سبيل المثال، ذكرنا الصالات الرياضية التي ترفض دخول النساء اللواتي يرتدين حمالات الصدر بحجة أنهن يعرقلن تركيز الرجال (على الرغم من أنهم يعرضون نساءً يرتدين حمالات صدر في إعلاناتهم). كما انتقدنا فندقًا رفض استقبال النساء المغربيات العازبات، وأيضًا مطعمًا رفض دخول امرأة محجبة. عمومًا، تثير هذه المقالات ضجة، وتعود هذه المؤسسات عن قراراتها وتعتذر حتى.
ما هي الأنواع الأكثر شيوعًا للعنف المسلط على النساء في المغرب، وكيف تعمل الحركة على مكافحتها؟

للأسف، هناك العديد من أشكال العنف التي تتعرض لها النساء المغربيات. يشمل ذلك العنف القانوني والقضائي، والعنف الأسري، والعنف العائلي، والعنف الاجتماعي، سواء كانت لفظية أو جسدية. هنا يتعين علينا التوعية والتحرك لتغيير الثقافة، وأيضًا لتغيير القوانين التي لا تحمي الضحايا بشكل كافٍ.
ما الدور الذي يلعبه التعليم والتوعية في تعزيز المساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز الجنسي في المغرب؟

بالنسبة لي، إنه شرط ضروري ولكنه غير كافٍ. التعليم والتوعية لهما أهمية كبيرة، خاصة مع بدء تأثيرهما منذ سن مبكرة. ومع ذلك، يجب أن يكتمل بالإصلاح السياسي الجريء والنظام القانوني والقضائي الذي يحمي مواطناته بدلاً من محاكمتهن.
كيف تشترك الحركة مع المؤسسات وصناع القرار للمساهمة في تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز تغييرات ملموسة؟

التوعية تأتي في المقام الأول. في الوقت الحالي، الحركة ليست مشاركة كثيرًا مع صناع القرار، على الرغم من أنني أقوم بمناقشة بعض السياسيين عندما تكون مسؤوليتهم واضحة وعندما يكونون هم الوحيدون القادرون على تغيير الأمور. إنها خطوة جدية لتحسين وضع المرأة المغربية، ويجب على السياسيين أن يدركوا مدى مسؤوليتهم في هذا المجال.
كيف تشجع الحركة مشاركة النساء والتعبير في المجتمع المغربي؟


غالبًا ما أقوم بنشر الأرقام (المفزعة في كثير من الأحيان) حول عدم المساواة في الأجور، ومشاركة النساء في سوق العمل، وحضور النساء في الفضاء العام. بالإضافة إلى ذلك، تتم التوعية أيضًا من خلال جمع شهادات نساء من خلفيات مختلفة يشاركن قصصهن. الفكرة هي إعطاء صوت لهؤلاء النساء اللواتي قد يَكُنّ مترددات في التعبير عن أنفسهن.
كيف تستخدم حركة "كوني امرأة" وسائل التواصل الاجتماعي وإنستغرام على وجه الخصوص لنشر رسالتها وتعزيز المجتمع؟


أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي فعاليتها في نشاط النضال؛ أذكر على سبيل المثال حملة #metoouniv التي أطلقتها صفحة حشاك(7achak) والتي أسهمت في إلقاء الضوء على العديد من حالات العنف الجنسي في الجامعات المغربية. الميزة التي يتمتع بها وسائل الإعلام الجديدة مثل إنستغرام هي أنه يمكن أن يصل لعدد كبير من الأشخاص. بالإضافة إلى ذلك، توفر وسائل التواصل الاجتماعي الحماية بالتعبير عن آراء الأشخاص الذين يخشون التعبير عن أنفسهم (على الرغم من أن هذا له جانبين).

بالطبع، على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد أداة فعالة جدًا، إلا أنها ليست كافية. يجب أن تكتمل بواسطة أشكال النضال الأخرى، بما في ذلك تشجيع أنشطة الميدان (التظاهرات، المشاركة في العمل الجماعي، إلخ).
كيف تعمل الحركة "كوني امرأة" على تغيير الثقافات والمواقف فيما يتعلق بالتحيز الجنسي والصور النمطية للجنسين في المغرب؟


من خلال التوعية، دائمًا وأبدًا. يعد هذا الأمر، في رأيي، الخطوة الأولى: إعلام المواطنين والمواطنات بالعنف والتمييز الذي يتعرض له النساء المغربيات. فبدون الإعلام، لن نتمكن من الاستياء.
 
ما هي خطط حركة "كوني امرأة" المستقبلية لمواصلة تعزيز المساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز ضد النساء؟


مواصلة التوعية والنضال. أعتقد أن مستقبل الحركة يكمن في التعاون مع المناضلين والمناضلات المغاربة الآخرين، بغض النظر عن شكل مشاركتهم (وسائل التواصل الاجتماعي، السينما، الجمعيات، إلخ). تحقق أفضل النتائج عندما نكون متحدين لصالح نفس القضايا.
ما هي الموارد أو الأدوات التي توفرها الحركة لإطلاع الجمهور وتثقيفه بشأن قضايا الجندر والمساواة؟


توفر الصفحة معلومات دقيقة ومجانية لمتابعيها (غالبًا بعد ساعات طويلة من البحث). جميع المعلومات مدعومة بالمصادر، مما يتيح لأولئك الذين يرغبون في المزيد من التفصيل أن يبحثوا ويستكشفوا بعض المواضيع.

في ختام مقابلتنا، من الواضح أن هذه المبادرة لها أهمية كبيرة في مكافحة التمييز الجنسي المؤسس وتعزيز حريات النساء الفردية. "كوني امرأة" نجحت في تحفيز التفكير وتشجيع النقاش و العمل من أجل المساواة بين الجنسين.

نود أن نعبر عن شكرنا الصادق لمؤسِّسة "كُوني امرأة" على مشاركتهم الوقت والأفكار والتزامهم خلال هذه المقابلة. عملها المذهل في التوعية وتحفيز الناس هو مصدر إلهام لجميع الذين يطمحون إلى خلق تغيير إيجابي في مجتمعنا.

من خلال تسليط الضوء على الإجراءات العملية التي تم اتخاذها، أظهرت المؤسِّسة إصرارًا ثابتًا على دفع قضية المساواة قدمًا ومنح النساء صوتًا أقوى. كما يعكس الاختيار الذي قامت به للبقاء مجهولة الهوية رغبتها في إبراز الحركة نفسها بدلاً من شخصها الشخصي.

نأمل أن تكون هذه المقابلة قد ألقت الضوء على القضايا المهمة المتعلقة بالتمييز الجنسي المؤسس وضرورة تعزيز حريات النساء الفردية. لنتطلع إلى أن تلهم هذه المحادثة كل واحد منا للتساؤل عن المعايير الضارة ودعم تمكين المرأة والعمل معًا لبناء عالم أكثر تكافؤًا.

مرة أخرى، نشكر بشدة مؤسِّسة "كُوني امرأة" على التزامها ومساهمتها القيّمة.

نشجع جميع قرائنا على متابعة "كُوني امرأة" على إنستغرام والمشاركة في هذه الحركة المتنامية لتعزيز المساواة بين الجنسين وحقوق النساء.

معًا، يمكننا فعلا أن نحدث الفرق.

بقلم فاطمة الزهراء فوزي.

 





الجمعة 2 يونيو/جوان 2023
في نفس الركن