اقتصاديات

مشروع قانون المالية لسنة 2026… إعلان مرحلة جديدة من الاستثمار في الإنسان


في خطوة تعبّر عن رؤية استراتيجية واضحة، صادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس على مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي حمل رسائل سياسية واقتصادية قوية تؤكد أن كرامة المواطن هي محور السياسات العمومية للدولة المغربية.



فقد تم تخصيص ميزانية غير مسبوقة بقيمة 15 مليار دولار لقطاعي التعليم والصحة، مع إحداث 27.000 منصب شغل جديد في هذين القطاعين الحيويين، في سابقة تعكس الإرادة الجادة في تجديد العقد الاجتماعي وترسيخ نموذج الدولة الاجتماعية.

الإنسان في قلب التنمية
في عالم يشهد اضطرابات اقتصادية وتقلبات جيوسياسية متسارعة، اختار المغرب طريقًا مختلفًا عن كثير من الدول التي تلجأ إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي. فبينما تتراجع حكومات عديدة عن دعم الخدمات الأساسية، يوسّع المغرب استثماره في الإنسان، ليجعل من التعليم والصحة رافعتين أساسيتين لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.

وعندما نضع هذه الميزانية في ميزان المقارنة مع دول أوروبية كبرى مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، التي يفوق ناتجها الداخلي الإجمالي تريليون دولار، ندرك أن المغرب يقدم نموذجًا خاصًا في ترتيب الأولويات، حيث التنمية تُقاس بجودة حياة المواطن لا بحجم الأرقام.

رسالة موجهة إلى الشباب
إن تخصيص 27.000 منصب شغل جديد في قطاعي التعليم والصحة لا يُعد إجراءً تقنيًا فحسب، بل هو رسالة سياسية واجتماعية واضحة إلى الشباب المغربي:

الدولة تراهن على كفاءتهم وانخراطهم في خدمة الوطن، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة للمشاركة في بناء المستقبل.
كما ينسجم هذا التوجه مع الخطاب الملكي الداعي إلى تشجيع الشباب على المشاركة السياسية، وإعادة الثقة في العمل العمومي، وجعل المرفق العام فضاءً لجودة الأداء وخدمة المواطن.

ترجمة عملية للرؤية الملكية
مشروع قانون المالية لسنة 2026 ليس مجرد وثيقة محاسباتية، بل هو ترجمة عملية للرؤية الملكية في تجديد العقد الاجتماعي، من خلال توجيه الاستثمار العمومي إلى القطاعات التي تمس الحياة اليومية للمغاربة، وتعزز حضور الدولة الاجتماعية التي تحمي وتمكّن وتؤهل.

ففي الوقت الذي ترتفع فيه التحديات الاقتصادية عالميًا، يراهن المغرب على بناء مدرسة عمومية ذات جودة، ومستشفى يقدم خدمات إنسانية، وفرص شغل كريمة تضمن الاستقرار الأسري والاجتماعي.

التحدي الحقيقي: حسن التدبير
غير أن هذا الزخم المالي والسياسي يضع أمام الفاعلين العموميين تحديًا أساسيًا يتمثل في حسن تدبير الموارد المالية وتوجيهها نحو مشاريع واقعية تُحدث الفرق على الأرض. فالإرادة السياسية واضحة، والرؤية محددة، وما ينتظره المواطن هو الأثر الملموس في حياته اليومية.

إن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يشكّل إعلانًا عن مرحلة جديدة من الأمل الوطني، مرحلة يكون فيها الإنسان في صدارة الأولويات التنموية. إنها رسالة واضحة مفادها أن المغرب يسير بثبات نحو نموذج تنموي يقوم على العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، ويؤمن بأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان، باعتباره الثروة الوطنية الأولى.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 20 أكتوبر 2025
في نفس الركن