الخطوة جاءت استجابة لحاجات ملحة؛ فالإجراءات اليدوية التي كانت معتمدة سابقًا أظهرت محدوديتها، سواء من حيث البطء أو من حيث مخاطر الأخطاء البشرية. المشروع الجديد يهدف إلى أتمتة مختلف المساطر وتحويلها إلى خدمات رقمية متاحة للمستفيدين، بدءًا من تقديم الطلبات وأداء الرسوم، وصولًا إلى استلام الوثائق إلكترونيًا، ما سيمنح المستخدمين تجربة أكثر سلاسة وشفافية.
القلب النابض لهذا التحول هو اعتماد نظام برمجي متكامل (Progiciel) يغطي جميع جوانب المديرية: من إدارة الموظفين وتراخيصهم، إلى تسجيل الطائرات وشهادات صلاحيتها، مرورا بالمراقبة التقنية للمؤسسات والشركات المرتبطة بالقطاع. هذا النظام سيمكن الأطر من التركيز على مهام ذات قيمة مضافة، مثل التحليل والمراقبة والتخطيط الاستراتيجي، بدل الانشغال بالمعاملات الروتينية.
وتقوم فلسفة المشروع على مقاربة مرحلية لتأمين الانتقال السلس دون تعطيل للأنشطة اليومية. فالوحدات الأولى التي ستُفعَّل تتعلق بإدارة تراخيص الموظفين، بما يشمل متابعة مسار الطيارين وفنيي الصيانة وموظفي الملاحة الجوية. ثم ستتبعها وحدات مراقبة المؤسسات وتدبير دوراتها الحياتية، على أن تختتم الوحدات التقنية الخاصة بالطائرات ومحاكيات الطيران وتسجيل الحوادث. أما الوحدات العرضية، مثل أنظمة الدفع الإلكتروني، وإدارة البوابات، ولوحات القيادة، فسيتم نشرها تدريجيًا وفق أولويات محددة.
من جانب آخر، يولي المشروع أهمية كبرى لمسألة السلامة والأمن الجويين، حيث سيعتمد مقاربة قائمة على المراقبة المبنية على المخاطر والأداء، ما يعزز قدرة المغرب على التكيف مع المعايير الدولية الصارمة في هذا المجال. كما أن أنظمة التقارير ولوحات التحكم ستوفر للمسؤولين قاعدة بيانات دقيقة لدعم اتخاذ القرار وضمان الشفافية.
الإشراف على هذه النقلة النوعية أسند إلى فريق مشترك يضم المديرية العامة للطيران المدني (DAC) ومديرية نظم المعلومات (DSI)، بتعاون وثيق مع مقاول تقني مختص. الفريق يضم مديرا للمشروع ومهندسين واستشاريين، مهمتهم مواكبة التنفيذ وضمان نجاحه على المستويين التقني والتنظيمي