ويرى الخبراء أن هذا التميز المغربي لا يقتصر على مؤشرات اقتصادية فقط، بل يرتكز على متانة المؤسسات، وضوح التنظيم، جودة الحكامة، وقدرة المملكة على جذب الاستثمارات المنتجة بشكل مستدام. ويضيف المعهد أن التنوع الصناعي، والطفرة التي تشهدها قطاعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى تحديث البنيات التحتية اللوجستية والموانئ، ساهمت في تعزيز موقع المغرب كمنصة استراتيجية في قلب سلاسل القيمة الإفريقية والأورو-متوسطية الجديدة.
وتشير المؤشرات إلى أن المغرب نجح في الجمع بين الاستقرار المؤسسي والجاذبية الاقتصادية، مستندًا إلى الرؤية الاستشرافية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ما جعله نموذجًا يحتذى به في المنطقة الإفريقية، خصوصًا في سياق إقليمي متسم بعدم اليقين والتحولات السريعة. وتؤكد نسخة 2025 على أن المتانة المؤسساتية، شفافية الحكامة، التماسك الاجتماعي، والأمن تعد ركائز أساسية لجذب الاستثمارات طويلة الأمد، فيما تؤدي أية أزمات مؤسساتية إلى تراجع الثقة وانسحاب الرساميل.
وعلى الصعيد الإقليمي، يشهد القارة الإفريقية دينامية سياسية معقدة، تتسم بتعدد الأزمات والتحولات، من النزاعات في القرن الإفريقي وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى فترات انتقالية في دول الساحل ومدغشقر وغينيا بيساو والغابون، فضلاً عن الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار وغينيا وبنين ومحاولات الانقلاب في بعض الدول. وتؤثر هذه الأوضاع على تصور المخاطر لدى المستثمرين، وتعيد رسم أولويات التدخل الاقتصادي والدبلوماسي على الصعيد القاري.
ويشير معهد “أماديوس” إلى أن المغرب، بفضل استقراره المؤسساتي والاقتصادي، يمثل بيئة مستقرة وموثوقة للاستثمارات، حتى في ظل تقلبات الأسواق العالمية، وتوتر العلاقات الجيوسياسية، وما يرافقها من سياسات حمائية وعقوبات متبادلة تعيد رسم سلاسل الإمداد واستراتيجيات الاستثمار في إفريقيا. ويضيف المعهد أن هذا الموقع الاستراتيجي للمغرب يعكس التوازن بين الجاذبية الاقتصادية والقدرة على الصمود أمام التحديات الدولية، مما يجعله شريكًا موثوقًا للمستثمرين والمؤسسات الدولية.
وبالنظر إلى اعتماد هذه المؤشرات على أكثر من 70 مؤشرًا فرعيًا، تستند إلى بيانات دولية وإحصاءات وطنية وأعمال خبراء، فإنها توفر قراءة دقيقة ومتعددة الأبعاد لأداء الدول الإفريقية. كما تعتبر أدوات مرجعية لدعم اتخاذ القرارات على المدى الطويل، من خلال تقييم المخاطر، قياس أثر السياسات العمومية، واستشراف المستقبل في مجالات الطاقة والمناخ والأمن والتمويل.
وعلى هذا الأساس، يظل المغرب، وفق “أماديوس”، نموذجًا للدمج بين الرؤية الاستراتيجية الثابتة والحكامة الفعالة، ما يجعله في صدارة البلدان الإفريقية من حيث جاذبية الاستثمار واستقرار المؤسسات، ويعزز مكانته كوجهة موثوقة للمستثمرين الباحثين عن بيئة اقتصادية متينة وآمنة على المدى الطويل