حياتنا

ليالي شديدة البرودة وصيف غير مستقر


عرف المغرب خلال الأيام الأخيرة انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة خلال ساعات الليل، وهو ما أثار نقاشاً بين خبراء المناخ حول طبيعة هذه الظاهرة: هل هي مجرد انتقال موسمي طبيعي بين الصيف والخريف، أم أنها استمرار لاضطراب مناخي أوسع يعكس تأثيرات التغير المناخي العالمي على المنطقة المغاربية؟



خبراء ينبهون من لغز تقسيم الفصول في المغرب

عدد من الباحثين في علوم البيئة والتنمية المستدامة اعتبروا أن التذبذب الحراري بين حرارة النهار وبرودة الليل لا يمكن النظر إليه كأمر عابر، بل يدخل ضمن نمط مناخي غير مستقر يفرض المزيد من اليقظة. وحذروا من الاستخفاف بالظاهرة أو قراءتها كتراجع موسمي عادي، مشددين على ضرورة اعتماد استراتيجيات مرنة في استهلاك الطاقة والتخطيط المسبق في المجالات الفلاحية والصحية للتقليل من تبعاتها.

وفي السياق ذاته، أوضح مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، أن المغاربة باتوا يعيشون منذ سنوات ارتباكاً في إيقاع الفصول، حيث امتدّت موجات الحر إلى غاية أكتوبر ونونبر، ما جعل الخريف يتأخر ويمتزج بالصيف. وأضاف أن الانخفاض الحراري المسجل خلال صيف 2025، خاصة في ساعات الليل، قد يكون مؤشراً على عودة تدريجية للتوازن الطبيعي للفصول، غير أن ذلك لا ينبغي أن يُقرأ بتفاؤل مطلق، لكون المناخ ما زال يعيش تقلبات يصعب التنبؤ بمسارها. ودعا بنرامل الفلاحين إلى متابعة دقيقة للنشرات الجوية وتكييف مواسم الزرع والسقي مع هذه التغيرات، مؤكداً في الوقت نفسه على أهمية التوعية الصحية، خصوصاً بالنسبة للأطفال والمسنين وذوي الأمراض المزمنة.

في المقابل، يرى فؤاد الزهراني، الباحث في علوم البيئة والتنمية المستدامة، أن الوضع الحالي يندرج في إطار التحولات المناخية الطبيعية المرتبطة بانتقال الفصول، موضحاً أن الكتل الهوائية البحرية والتيارات الباردة القادمة من جزر الكناري ساهمت في تلطيف الأجواء. وأكد أن هذه التغيرات متكررة عادة في نهاية الصيف وبداية الخريف، ما يجعلها جزءاً من الدورة الموسمية المعتادة. غير أنه شدد في الوقت ذاته على أن التغير المناخي أصبح واقعاً ملموساً، يتجلى في تراجع التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة وتزايد الضغط على الموارد المائية، مبرزاً أن معدل ملء السدود لا يتجاوز 35 في المائة رغم بعض التحسن المرحلي.

ورغم تباين القراءات، يتفق الخبراء على أن المغرب يعيش اليوم مرحلة انتقالية صعبة على المستوى المناخي، حيث أصبح تداخل الفصول وتذبذب درجات الحرارة سمة بارزة. ويجمعون على أن مواجهة هذا الوضع تستدعي التأقلم والتخطيط الاستباقي في قطاعات الماء والطاقة والفلاحة والصحة، باعتبارها السبيل الأنجع للتخفيف من آثار هذه التحولات المناخية غير المستقرة.

بقلم هند الدبالي 

المناخ في المغرب، تغير المناخ، تداخل الفصول، الحرارة ليلاً، الخريف، البيئة، الفلاحة.





الاثنين 1 شتنبر 2025
في نفس الركن