أسرتنا

لماذا نتمسك بمن رحلوا عن حياتنا؟


ليس كل فراق خسارة، فبعض النهايات تأتي كنجاة مؤجلة. في حياة الناس، تتقاطع الطرق وتنفصل القلوب، وقد يتحول من كان يوماً ملاذاً آمناً إلى عبء ثقيل أو ذكرى لا مكان لها في الحاضر. الفراق، في كثير من الأحيان، ليس سوى تعبير صامت عن رحمة إلهية، تُنقذ الإنسان من علاقة لم يعد قادراً على احتمالها.



الفراق… نهاية علاقة أم بداية إدراك؟

التحدي لا يكمن في لحظة الوداع، بل فيما يليها. الذكريات، الضحكات، الوعود، والجمل التي سكنت الذاكرة، كلها تعود لتختبر قدرتنا على الصمود. حين نختزل العالم في شخص واحد، يصبح تجاوزه معركة داخلية شاقة، لكن الإيمان بأن تدبير الله أوسع من مشاعرنا هو الخطوة الأولى نحو التعافي.

الموتى الأحياء… حين تبقى الأجساد وتغيب الأرواح
هؤلاء الذين خرجوا من حياتنا، لكنهم ظلوا عالقين في أذهاننا، لا يملكون لنا نفعاً ولا ضراً. التعلق بهم وهمٌ نفسي، تغذيه الذاكرة لا الواقع. السعادة لا تسكن في أشخاص، بل في قناعة داخلية بأن كل مفاتيح الطمأنينة بيد الله وحده.

الشيطان ولعبة النبش في الجراح
إحدى أخطر الحيل النفسية هي العودة الطوعية إلى دفاتر الألم. الشيطان لا يطلب منك سوى شيء واحد: أن تفتح جرحاً التأم. سؤال “لو” هو مدخله المفضل، لأنه يزرع الندم ويغذي الإحباط. بينما الرضا بالقضاء، مهما كان ثقيلاً، هو الطريق الأقصر للسلام الداخلي.

القوة الإيمانية… درع ضد الانهيار
الالتزام الروحي ليس طقساً عابراً، بل أسلوب حياة. الصلاة، الذكر، والاستعاذة تبني جداراً داخلياً يمنع تسلل القلق والوساوس. المؤمن القوي، كما جاء في الحديث الشريف، هو من يحسن إدارة ألمه، ويستعين بالله دون استسلام للعجز أو الحسرة.

بين الروح والنفس… معادلة النجاة
الروح تحتاج غذاءً إيمانياً، والنفس تحتاج فهماً ووعياً. مراقبة المشاعر، والإيمان بأنها مؤقتة، يساعد على تفكيك الألم. الفصل بين الشعور وسببه يمنح الإنسان سيطرة أكبر على ذاته، ويمنعه من الغرق في دوامة الاسترجاع المؤلم.

الفصل العاطفي… مهارة لا غنى عنها
ليس المطلوب إنكار الألم، بل التعامل معه بوعي. التجربة التي كانت مرعبة في الماضي، قد تفقد قوتها حين ننظر إليها من مسافة نفسية آمنة. هذا الفصل هو ما يحول الإنسان من ضحية لمشاعره إلى قائد لها.

حين ينتصر القدر على الرغبة
إرادة الله غالبة، وهو ما يمنع الطيب عن الخبيث، ويكشف زيف بعض العلاقات مهما تلونت بالمشاعر. ليس كل ما نريده خيراً، وليس كل ما نُحرم منه شراً. الفهم العميق لهذه الحقيقة يخفف ثقل الفقد، ويمنح القلب سلاماً دائماً.,الموتى الأحياء ليسوا نهاية الطريق، بل محطة عابرة فيه. تجاوزهم لا يعني إنكار ما كان، بل الاعتراف بأن الاستمرار معهم لم يعد قدراً لنا. وحين نُحسن الظن بالله، ندرك أن كل فراق كان باباً خفياً لسلامٍ أكبر.




الأربعاء 17 دجنبر 2025
في نفس الركن