أسرتنا

كيف يؤثر التنمر على الأداء التعليمي والصحة النفسية للتلاميذ


لا يزال التنمر ظاهرة مقلقة تنتشر داخل المدارس على مستوى العالم، مهددة بالسلامة النفسية والجسدية للتلاميذ. فهذا السلوك العدواني المتكرر لا يترك أثرًا فوريًا فحسب، بل قد يمتد تأثيره ليشمل الأداء التعليمي، الصحة النفسية، وحتى الاستقرار الاجتماعي للطفل على المدى الطويل. أبحاث نشرت في مطلع عام 2024 أكدت أن ضحايا التنمر يعانون من انخفاض التحصيل الدراسي، وزيادة خطر الاكتئاب والقلق، وقد تصل إلى محاولات انتحارية في بعض الحالات القصوى.



تعريف التنمر ليس دائمًا واضحًا، فهناك تباين كبير بين المدارس والآباء حول ما إذا كان سلوك معين يُعدّ تنمراً. فالأبحاث تشير إلى أن حوالي 20% فقط من حوادث التنمر يتم الإبلاغ عنها، بينما غالبًا ما تتجاهل المدارس بعض الحالات التي يراها الآباء مؤذية. وهذا الخلاف يزيد من تعقيد معالجة المشكلة ويؤثر على فعالية الحلول المقترحة.
 

التنمر يتميز بأربعة عناصر أساسية: إيذاء الضحية، تكرار السلوك مع مرور الوقت، وجود نية للإيذاء، واختلال في توازن القوى بين الطرفين. وقد تتجلى هذه الظاهرة في أشكال متعددة، من الإيذاء الجسدي المباشر إلى السخرية والنبذ الاجتماعي أو التنمر الإلكتروني، ما يجعل التعرف عليها والتعامل معها أكثر صعوبة.
 

يمكن أن تظهر آثار التنمر على الطفل بعدة طرق، منها الإصابات غير المبررة، فقدان الممتلكات، تراجع الأداء الأكاديمي، تغيّب عن المدرسة، صعوبة النوم أو الكوابيس، وانخفاض تقدير الذات. وفي المقابل، قد يظهر لدى بعض الأطفال الذين يمارسون التنمر علامات عدوانية، مثل التورط في شجارات متكررة، تجاهل المسؤولية، أو امتلاك أشياء جديدة دون سبب واضح.
 

تواجه الأسر والمدارس تحديات عدة عند محاولة معالجة التنمر، أبرزها صعوبة مشاهدة السلوك المؤذي مباشرة، وإثبات نية الإيذاء، والتفريق بين المشادات العادية والتنمر الفعلي، فضلاً عن حالات الاتهام الكيدي. كما يشكل التباين في تفسير السلوك بين المدرسة والأسرة عقبة إضافية أمام التعامل الفعال مع المشكلة.
 

لمواجهة هذه الظاهرة، توصي الخبراء بأربع استراتيجيات أساسية للآباء: الاحتفاظ بسجل دقيق لتجارب الطفل، الحفاظ على تواصل مفتوح مع المدرسة، توجيه الطفل للتواصل بشكل واثق مع زملائه، وتعليمه استراتيجيات مواجهة المواقف الصعبة وطلب الدعم عند الحاجة. ومن خلال تعاون مستمر بين الأسرة والمدرسة، يمكن تحديد السلوكيات المؤذية ومعالجتها بشكل أسرع وأكثر فعالية، ما يساهم في حماية الأطفال من آثار التنمر الطويلة المدى.
 

التنمر ليس مجرد ظاهرة عابرة داخل المدرسة، بل هو تحدٍّ اجتماعي ونفسي يتطلب وعيًا مستمرًا، أدوات فعالة، وتعاونًا دؤوبًا بين جميع الأطراف المعنية لضمان بيئة تعليمية آمنة وداعمة للأطفال، تعزز من رفاهيتهم وقدرتهم على التعلم والنمو بثقة وسلامة


التنمر المدرسي، السلامة النفسية، الأطفال، الأداء التعليمي، الاكتئاب والقلق، الوقاية من التنمر، التربية الأسرية


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 2 أكتوبر 2025
في نفس الركن