أخبار بلا حدود

قمة مدريد رافعة جديدة للشراكة الاستراتيجية المغربية-الإسبانية: قراءة في أهم مكاسبها السياسية والاقتصادية


اختتمت القمة الثالثة عشرة رفيعة المستوى (RAN) بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية أشغالها في مدريد، برئاسة رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز. وقد جاءت هذه القمة لتجدد مساراً من الشراكة الاستراتيجية التي تأسست مع الإعلان المشترك ليوم 7 أبريل 2022، ولتؤكد من جديد مبادئ الشفافية والاحترام المتبادل التي باتت تشكل العمود الفقري للعلاقات بين البلدين.



القمة التي تُوجت بإصدار إعلان مشترك شامل ضم 119 نقطة وتوقيع 14 اتفاقية تعاون في قطاعات حيوية، اعتُبرت من طرف عدد من المتابعين خطوة نوعية نحو ترسيخ تكامل ثنائي طويل الأمد. وفي تصريح خاص لجريدة عيون الصحراء، قدم الإطار الصحراوي إبراهيم ولد الرشيد قراءة تحليلية معمقة لهذه المحطة الدبلوماسية البارزة.

تثبيت الموقف الإسباني من قضية الصحراء: تحول استراتيجي لا رجعة فيه
أكد ولد الرشيد أن أهم ما خرجت به القمة يتمثل في التجديد الصريح والواضح للموقف الإسباني الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره الحل الأكثر جدية وواقعية وقابلية للتطبيق في إطار الأمم المتحدة.

وأوضح أن هذا الدعم لم يعد مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل أضحى اليوم مكرساً ضمن مسار اتفاقيات طويلة الأمد، ما يشكّل انتصاراً جديداً للدبلوماسية الملكية ورؤية جلالة الملك محمد السادس القائمة على الواقعية والبراغماتية.

وأشار المتحدث أيضاً إلى أن ترحيب إسبانيا بقرار مجلس الأمن 2797 رسالة واضحة بأن استقرار المنطقة ومصالح مدريد الحيوية تمر عبر دعم الموقف المغربي.

قوة اقتصادية مشتركة: من التبادل التجاري إلى التكامل الصناعي
وفي الجانب الاقتصادي، أبرز ولد الرشيد أن الاتفاقيات الـ14 تشكل خارطة طريق جديدة لقطاعات المستقبل، خصوصاً تلك المرتبطة بتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وأكد بفخر أن إسبانيا أصبحت الشريك التجاري الأول للمغرب، بحجم تبادل بلغ 22.693 مليار يورو في سنة 2024، لكنه شدد على أن الأهم هو إنشاء هيئة عليا للتعاون الصناعي التي ستعمل على تحويل هذا الزخم التجاري إلى تكامل إنتاجي وصناعي يخدم مصالح البلدين.

الطاقات النظيفة: نحو قطب إقليمي رائد في الهيدروجين الأخضر
وفي ما يتعلق بالطاقة، اعتبر ولد الرشيد أن الاتفاق حول التعاون في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة يمثل منعطفاً استراتيجياً، إذ يتيح للمغرب وإسبانيا أن يصبحا معاً قوة إقليمية في مجال الطاقة النظيفة.

وأشار إلى أن الأقاليم الجنوبية مؤهلة لتكون مركزاً للمشاريع الطاقية الكبرى بفضل مواردها الطبيعية وموقعها الجيو-استراتيجي.

الأمن المائي والبنية التحتية: إسبانيا تموّل مشاريع الأولوية
أما في ملف الماء والبنية التحتية، فرحّب ولد الرشيد بالتزام إسبانيا بتمويل مشاريع حيوية، خاصة تلك المتعلقة بـ:

تحلية المياه

نقل الأحواض المائية

تأمين الموارد المائية لمواجهة الجفاف

وهو ما يشكّل دعامة أساسية لضمان الأمن المائي الوطني.

تعزيز التعاون الأمني: مقاربة مشتركة لمواجهة التهديدات
وأشار ولد الرشيد إلى أن القمة لم تغفل الجانب الأمني، حيث أكد الطرفان على أهمية التعاون في:

مكافحة الإرهاب

محاربة الاتجار بالبشر

مواجهة تهديدات أسلحة الدمار الشامل عبر مبادرة مشتركة (CBRN)

وهو ما يعكس إدراكاً مشتركاً للتحديات التي تواجه المنطقة.

مونديال 2030 والهجرة: بعد اجتماعي وثقافي جديد في الشراكة
وفي ملفات أخرى، أكّد المتحدث أن استعراض التقدّم في تنظيم كأس العالم 2030 عزز الثقة المتبادلة بين البلدين، وأبرز أن الشراكة المغربية-الإسبانية أصبحت تتجاوز الجانب السياسي لتشمل أبعاداً:

اجتماعية

ثقافية

رياضية

كما نوه بتقدير إسبانيا للنهج المغربي في إدارة ملف الهجرة، وبالاتفاقيات الموقعة في مجالات الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي التي تخدم مباشرة المواطنين المغاربة.

قمة تؤسس لمرحلة جديدة بقيادة الرؤية الملكية
وفي ختام تحليله، اعتبر إبراهيم ولد الرشيد أن النتائج التاريخية لقمة مدريد تجسد الإرادة الملكية السامية لبناء شراكات استراتيجية متينة، موضحاً أنها تشكل منعطفاً يرسخ مكانة المغرب كفاعل رئيسي في استقرار محيطه الإقليمي ويخدم مصالحه العليا.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 8 دجنبر 2025
في نفس الركن