أخبار بلا حدود

قضية أدبية تتحول إلى أزمة دبلوماسية بين الجزائر وأوروبا


في خطوة نادرة تحمل أبعادًا إنسانية ودبلوماسية، طلب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير من نظيره الجزائري عبد المجيد تبون منح العفو الرئاسي للكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، المسجون منذ عام كامل، مع اقتراح نقله إلى ألمانيا لتلقي الرعاية الطبية المناسبة، نظرًا لوضعه الصحي المتدهور وعمره المتقدم.



وفي بيان صادر من برلين، وصف شتاينماير هذه المبادرة بأنها «فعل من الرحمة»، مشددًا على أنها تعكس «رؤية سياسية واضحة وعلاقة مستدامة» بين الجزائر وألمانيا، مشيرًا إلى القيمة الرمزية الكبيرة لمثل هذا القرار، الذي قد يساهم في تخفيف التوترات القائمة بين الجزائر وعدة عواصم أوروبية، وخصوصًا باريس.

خلفية القضية
تم توقيف بوعلام صنصال في نوفمبر 2024 بالجزائر، وحكم عليه في الاستئناف بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب تصريحات اعتُبرت مسيئة لسيادة الجزائر، بعد أن تناول الكاتب الإرث الإقليمي المتعلق بالاستعمار الفرنسي. هذه القضية أثارت ردود فعل قوية على الصعيدين الثقافي والدبلوماسي، معتبرين أن موقف السلطات يسلط الضوء على توتر حرية التعبير في البلاد.

وقد أكدت فرنسا، من خلال وزير خارجيتها جان-نويل بارو، أنها تخوض «حوارًا صعبًا» مع الجزائر من أجل ضمان إطلاق سراح الكاتب، في ظل توتر مستمر بين باريس والجزائر يشمل استدعاء السفراء، وطرد الدبلوماسيين، وتشديد إجراءات الحصول على التأشيرات.

أبعاد دبلوماسية وإنسانية
تطرح هذه القضية أسئلة كبيرة حول العلاقة بين حرية التعبير والسيادة الوطنية، وتبرز أهمية الدور الدولي في حماية حقوق الكتاب والمثقفين. المبادرة الألمانية، إلى جانب موقف فرنسا، تؤكد أن الحالة الصحية للكاتب وأهميته الثقافية يمكن أن تتحول إلى عامل ضغط دبلوماسي، يجبر الأطراف على البحث عن حلول متوازنة بين الالتزام بالقوانين الوطنية والمبادئ الإنسانية.

كما يحمل طلب شتاينماير بعدًا رمزيًا واضحًا، إذ يمثل جسرًا لإعادة فتح الحوار بين الجزائر وأوروبا على صعيد السياسة والثقافة، ويضع قضية حرية التعبير والحقوق الإنسانية في قلب النقاش الدبلوماسي، بعيدًا عن الخلافات السياسية القائمة.

قضية بوعلام صنصال ليست مجرد ملف قضائي عادي، بل أصبحت نقطة محورية في العلاقات الجزائرية-الأوروبية، تجمع بين بعد حقوقي وثقافي ودبلوماسي. إن أي قرار بالعفو أو النقل إلى ألمانيا قد يخفف من التوترات الراهنة، ويعيد فتح المجال للحوار والتعاون بين الجزائر وأوروبا، مع الحفاظ على القيم الإنسانية الأساسية، وعلى رأسها حماية حياة وصحة المثقفين والمبدعين.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 11 نونبر 2025
في نفس الركن