هذا ما أكده عبد الله لغميد، نائب المندوب الدائم للمغرب لدى منظمات الأمم المتحدة بروما، خلال مشاركته في المؤتمر العام الرابع والأربعين لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، مشيرًا إلى أن المغرب منخرط بالكامل في دعم الدول الجزرية الصغيرة النامية، والدول الأقل نموا، والدول النامية غير الساحلية، عبر نهج قائم على التضامن ونقل المهارات وبناء القدرات الذاتية.
المملكة، حسب ما أشار إليه المسؤول المغربي، لا تكتفي بعرض النوايا، بل تترجم التزاماتها من خلال برامج عملية في قطاعات حيوية كالفلاحة المستدامة، تدبير مياه الري، الطاقات المتجددة، وتحويل النظم الغذائية، مع مراعاة الخصوصيات المحلية واحتياجات البلدان الإفريقية الشريكة، وهو ما يجعل من النموذج المغربي مرجعًا في التعاون الإنمائي العملي والمتجدد.
في هذا السياق، استحضر لغميد المبادرات المناخية الثلاث التي أطلقتها المملكة على هامش قمة "كوب 22" بمراكش، والمتعلقة بحوض الكونغو، منطقة الساحل، والدول الجزرية، مؤكداً أنها لم تكن مجرد التزامات ظرفية، بل ترجمة لرؤية استراتيجية يقودها الملك محمد السادس، قوامها الإيمان بأهمية التكامل الإفريقي، وتفعيل آليات التمويل والتكنولوجيا والربط القاري.
ومن أبرز أوجه هذه الرؤية، تبرز المبادرة الملكية لإحداث "ممر الأطلسي"، التي اعتبرها لغميد خطوة حاسمة لتسريع الاندماج القاري، عبر ربط منطقة الساحل بالمحيط الأطلسي، وتحويلها إلى فضاء لوجستي وتكنولوجي يخدم أهداف التنمية المستدامة ويوفر بدائل حقيقية لمجتمعات تعاني من التهميش البنيوي.
ومع الإقرار بالإكراهات التي تعاني منها الدول النامية، خاصة ما يتعلق بضعف القدرات الإنتاجية، وهشاشة الأنظمة الغذائية، وتفاقم آثار التغير المناخي، دعا المغرب إلى تبني مقاربة جماعية لتيسير الولوج إلى التكنولوجيا، والأسواق، والتمويل، معتبرًا أن الحل لا يكمن في المساعدات الظرفية بل في نقل المعرفة وتعزيز الكفاءات الذاتية.
النموذج المغربي، حسب ما خلص إليه لغميد، يُبنى على احترام الأولويات الوطنية لشركائه، وعلى ابتكار حلول واقعية بعيدة عن منطق الإملاءات أو الشروط، مؤكدًا أن الأمن الغذائي يجب أن يظل في صلب أي أجندة تنموية مستقبلية، لا سيما بالنسبة للدول الجزرية والدول غير الساحلية التي تواجه تحديات مزدوجة تتعلق بالعزلة الجغرافية والتبعية الغذائية