آخر الأخبار

غياب النواب البرلمانيين يثير جدلاً حول تفعيل المساءلة والتشريع الرادع


أثارت نسب الغياب المرتفعة للنواب عن جلسات البرلمان ولجانها، حتى خلال المحطات التشريعية المفصلية، جدلاً واسعاً حول فعالية آليات المساءلة البرلمانية في المغرب. ويأتي ذلك بعد تسجيل غياب 290 نائباً ونائبة، أي ما يعادل 73,4 في المئة من المجموع، عن جلسة المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2026 في إطار القراءة الثانية يوم الجمعة الماضي.



تحذيرات ومطالب بالإجراءات الصارمة

ووصفت الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب هذه النسبة بـ “فضيحة سياسية بكل المقاييس”، معتبرة أن الظاهرة المتكررة للغياب، والتي تم تطبيعها في الممارسة السياسية، تعكس حجم العبث المؤسساتي، داعية إلى سن تشريع يتيح تجريد النواب من صفتهم في حال تكرار الغياب غير المبرر، على غرار ما يُطبق على المنتخبين بالجماعات الترابية.

ويشير النظام الداخلي لمجلس النواب إلى إمكانية اقتطاع التعويضات المالية عن الغياب المتكرر (ثلاث مرات فما فوق) بدون مبرر، مع إمكانية تقديم طلب تجريد العضو من البرلمان أمام المحكمة الدستورية عند تغيبه عن أشغال المجلس لمدة سنة تشريعية كاملة دون عذر مقبول.

وبدوره، أكد عبد الواحد الزيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، أن التوافقات السياسية تعرقل غالباً تفعيل هذه المقتضيات، داعياً إلى نص قانوني صريح يفرض التجريد عند الغياب المتكرر بدون مبرر. واعتبر أن الوضع وصل إلى حد “الفوضى والاستهتار بالمسؤولية البرلمانية”، ويستدعي تدخل الدولة بشكل استعجالي.

ومن جانبه، أوضح رضوان اعميمي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، أن غياب النواب يشكل “إشكالية مزمنة” رغم وجود نصوص واضحة في الدستور (الفصلين 11 و70) والنظام الداخلي. لكنه لفت إلى أن عدم التفعيل والرقابة المحدودة تجعل هذه النصوص ذات أثر ضعيف، وتضعف الثقة الشعبية في المؤسسة البرلمانية.

وأكد اعميمي على وجود خيارات فورية لتجويد الممارسة دون تشريع جديد، من بينها: التفعيل الصارم للنظام الداخلي، نشر لوائح الحضور بانتظام، اقتطاع التعويضات دون استثناء، وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الفرق البرلمانية، إضافة إلى إشراك الرأي العام والرقابة الإعلامية.

وأشار الباحث إلى أن مقترح تجريد النواب عند الغياب المتكرر هو خيار مشروع، تستند إليه تجارب دولية مثل فرنسا والبرتغال وبريطانيا. لكنه شدد على أن المشكلة الأساسية في المغرب تكمن في التطبيق وليس النصوص، مؤكداً أن ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز جودة العمل التشريعي هما الركيزتان الأساسيتان لاستعادة ثقة المواطنين بالمؤسسة البرلمانية.

وبدورها، رأت مريم أبليل، دكتورة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن العقوبات الحالية، مثل الاقتطاع المالي أو نشر أسماء الغائبين، غير كافية للردع، داعية إلى توسيع حالات التنافي وتجديد آليات الرقابة داخل الأحزاب السياسية، ومعتبرة أن تشريع جديد لتجريد المتغيبين بشكل متكرر أصبح ضرورياً لمواجهة الظاهرة المتفاقمة.

وتُظهر هذه الأزمة أن تحسين الأداء البرلماني وتفعيل المساءلة أصبحا من الأولويات الملحّة للمؤسسة التشريعية المغربية، لضمان حضور النواب الفعلي، وتعزيز شرعية البرلمان في أعين المواطنين، ورفع مستوى المشاركة السياسية والثقة المؤسسية.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 8 دجنبر 2025
في نفس الركن