آخر الأخبار

عاصفة "إيميليا" تجتاح المغرب… وتدخل ملكي عاجل يخفف من وطأة الكارثة


شهد المغرب هذا الأسبوع موجة من الكوارث المناخية الاستثنائية، بين فيضانات وسيول جارفة وأمطار غزيرة، إضافة إلى موجة برد قارس ضربت المناطق الجبلية والنائية، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية جسيمة وأعاد إلى الواجهة هشاشة البنية التحتية في مواجهة الظواهر الجوية القصوى. هذه الأحداث سلطت الضوء على تحديات مواجهة الطوارئ المناخية، وفي الوقت نفسه أبرزت سرعة وكفاءة التدخلات الملكية والتنسيق الحكومي الاستباقي لضمان حماية المواطنين وتقديم الدعم العاجل للفئات الأكثر هشاشة.



في مدينة آسفي، تحولت الأمطار الغزيرة إلى سيول عارمة جرفت السكان والممتلكات، ما أدى إلى وفاة 37 شخصًا وفق الحصيلة الرسمية الأخيرة، وإلحاق أضرار جسيمة بالمنازل والمحلات التجارية والطرق. غمرت مياه السيول نحو 70 منزلًا ومحلاً تجاريًا في المدينة العتيقة، خاصة في محيط شارع بئر أنزران وساحة أبو الذهب، فيما جرفت المياه حوالي عشر سيارات، وعطلت الطريق الإقليمية رقم 2300، الرابط بين آسفي ومركز جماعة احرارة، ما زاد من تعقيد جهود التدخل والإغاثة. وتوضح هذه الأحداث محدودية شبكات تصريف المياه وحاجتها الملحة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية للحد من الخسائر في مواجهة الأمطار الاستثنائية.
 

جماعة الجرف بإقليم الرشيدية كانت من بين المناطق القروية الأكثر تأثرًا، حيث أدى هطول الأمطار الغزيرة إلى انهيار منازل تقليدية بالكامل، فيما أصبحت أخرى آيلة للسقوط، ما شكل خطراً على حياة السكان. تدخل والي الجهة بشكل عاجل لتوفير مأوى مؤقت للأسر، مع توفير مواد غذائية وأغطية وأفرشة، وتقديم الرعاية الطبية للفئات الهشة من أطفال وكبار السن. هذه الاستجابة العاجلة أعطت فرصة لتخفيف الأضرار البشرية، لكنها أبرزت ضعف السكن القروي التقليدي وعدم قدرة بعض المباني على مواجهة التقلبات المناخية الشديدة.
 

مدينة تطوان لم تسلم هي الأخرى من الفيضانات المفاجئة، حيث أغرقت المياه الشوارع والأحياء، وعطلّت الحركة اليومية لسكان المدينة. شهدت المنطقة الساحلية قرب أمتار انهيارًا أرضيًا كبيرًا قطع الطريق الساحلية الرابطة بين تطوان والجبهة، مما أدى إلى ازدحام مروري كبير واضطر السكان للبحث عن طرق بديلة. وفي أرقى أحياء المدينة، مثل الحي الإداري، غمرت المياه الشوارع خلال دقائق من تساقط الأمطار الغزيرة، وتحولت الطرق إلى أنهار صغيرة جرفت السيارات وأعاقت حركة المرور، ما كشف عن ضعف شبكات تصريف المياه والحاجة الملحة لإصلاح البنية التحتية.
 

في خضم هذه الكارثة المناخية التي أدمت مناطق واسعة من المملكة، وتسببت في فيضانات خطيرة وسيول جارفة كشفت هشاشة بعض البنى التحتية، بادرت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، إلى توجيه تعليمات عاجلة لتعبئة كل الآليات الحكومية والمؤسسات التضامنية من أجل التدخل السريع والإنقاذ ودعم الأسر المتضررة.

وتنفيذاً للتعليمات الملكية السامية للملك محمد السادس، أطلقت الحكومة برنامجاً عاجلاً لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من فيضانات آسفي، شمل تقديم مساعدات عاجلة للأسر المتضررة، ترميم المنازل والمحلات التجارية، وتعبئة وسائل بشرية ولوجستية مكثفة لضمان تدخل سريع وفعّال. ويعكس هذا البرنامج الحرص الملكي على صون كرامة المواطنين، تعزيز الصمود الاجتماعي والاقتصادي، وضمان استجابة شاملة لمواجهة آثار الكوارث الطبيعية وتعزيز الوقاية من المخاطر المستقبلية
 

كما  استجابت مؤسسة محمد الخامس للتضامن للتوجيهات الملكية السامية عبر إطلاق عمليات إنسانية عاجلة لفائدة آلاف الأسر الأكثر هشاشة. ففي إقليم تارودانت، استفادت 2155 أسرة من مساعدات غذائية وأغطية، وفي بني ملال بلغ عدد الأسر المستفيدة 7651 أسرة موزعة على 9 جماعات ترابية جبلية، وفي إقليم الحوز تمت مساعدة 963 أسرة في جماعات ثلاث نيعقوب، إغيل وأغبار. هذه الجهود تضمنت تعبئة فرق ميدانية ضخمة، بالتنسيق مع السلطات المحلية لضمان وصول المساعدات بسرعة، مع التركيز على المناطق النائية والجبلية الأكثر تعرضًا للبرد القارس والسيول.
 

بالإضافة إلى ذلك، باشرت وزارة الداخلية تفعيل مخطط وطني شامل لمواجهة موجات البرد القارس والفيضانات، شمل 28 إقليماً وعمالة، مع تركيز خاص على المناطق الجبلية والنائية. وتم إحداث لجان إقليمية لليقظة والتتبع، وتفعيل مركز مركزي للقيادة واليقظة لمراقبة الوضعية الميدانية، وضمان التموين المنتظم بالمواد الأساسية ووسائل التدفئة، مع مراقبة مستمرة للوضع البيئي لضمان التدخل الفوري في حالات الطوارئ

 تجدر الإشارة إلى أن هذه الإجراءات قد شملت كذلك المناطق الجبلية والنائية التي شهدت تأثيرات شديدة للطقس القاسي، بما في ذلك الثلوج الكثيفة والبرد القارس والانزلاقات الأرضية. فقد تعرضت مناطق مثل جماعات ثلاث نيعقوب، إغيل، وأغبار بإقليم الحوز، وأقاليم تارودانت وبني ملال، إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة مصحوب بتساقطات ثلجية وأمطار غزيرة أدت إلى تفاقم معاناة السكان المحليين، خصوصاً الأسر الأكثر هشاشة.
 

و قد جرى إشراك فرق ميدانية من مؤسسة محمد الخامس للتضامن، بالتعاون مع السلطات المحلية والمصالح التقنية، لتوزيع مساعدات إنسانية متكاملة تشمل المواد الغذائية الأساسية والأغطية والأفرشة، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية الطارئة للفئات الأكثر ضعفاً، مثل الأطفال وكبار السن. كما تم تجهيز مراكز مؤقتة لإيواء الأسر المتضررة، مع تنظيم فرق لوجستية لضمان وصول المساعدات إلى الدواوير المعزولة والمناطق الجبلية النائية التي كانت تواجه صعوبات كبيرة في التنقل بسبب الطرق المتضررة والانزلاقات الأرضية.
 

وعلى الصعيد البنية التحتية، تم تنشيط آليات تدخل عاجلة لإصلاح الطرق المقطوعة، تأمين شبكة الكهرباء والمياه، وفتح مسارات بديلة لضمان استمرارية الحركة والتزويد بالخدمات الأساسية. كما جرى مراقبة مستمرة للوضع المناخي بواسطة لجان إقليمية ومراكز قيادة محلية لضمان التدخل الفوري في حال تفاقم الظروف الجوية، بما يعكس حرص القيادة الملكية على حماية المواطنين وتقليل المخاطر الناتجة عن الظواهر المناخية الشديدة في المناطق الجبلية والنائية


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 19 دجنبر 2025
في نفس الركن