رغم ذلك، من حيث الحجم، لا تزال فرنسا تتصدر القائمة بإجمالي 549,069 طناً (+11%)، بينما احتل المغرب المرتبة الثانية بواقع 322,810 أطنان، بزيادة بلغت 26%. ويعكس هذا التباين بين القيمة والحجم استراتيجية المغرب في التركيز على رفع جودة المنتجات، وضمان انتظام عمليات التسليم، والامتثال للمعايير الأوروبية الصارمة، ما يمنح منتجاته قيمة أعلى في السوق الإسبانية.
ويعد هذا الأداء جزءاً من تحول جذري في النموذج الزراعي المغربي، حيث استثمرت المملكة في تحديث البنية التحتية، وإصدار شهادات المزارع، وتحسين الخدمات اللوجستية، ما مكن المنتجين من تلبية الطلبات المتزايدة للموزعين الإسبان، خصوصاً في ظل تراجع الإنتاج المحلي في إسبانيا وتكرار المخاطر المناخية، التي دفعت الإسبان للبحث عن شركاء موثوقين وأكثر تنافسية.
ويكشف التحليل عن انعكاس ملحوظ في العلاقات التجارية، إذ تحولت إسبانيا من كونها مصدراً صافياً للفواكه والخضروات إلى زبون استراتيجي للمغرب، ما يعيد رسم التوازنات الإقليمية ويعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في تجارة الأغذية الزراعية بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
غير أن هذا الترابط التجاري المتزايد يطرح تحديات على صعيد المرونة، لا سيما في ما يتعلق بإدارة الموارد المائية، وتنظيم حجم الصادرات، وتأمين دخل الفلاحين، بما يحافظ على استدامة القطاع الزراعي المحلي.
وفي ظل الطلب الإسباني المتزايد، سيكون على المغرب الموازنة بين طموحاته التصديرية ومتطلبات السوق المحلية، مع التركيز على الحفاظ على جودة المنتجات، وتنويع أسواق التصدير، ومواءمة استراتيجيته التجارية مع معايير الاستدامة لضمان تعزيز مكانته المهيمنة في المنطقة