اقتصاديات

شراكة استراتيجية مغربية–صينية تدخل مرحلة جديدة: نحو تعاون استثماري وتجاري يتجاوز 10 مليارات دولار


يشهد التعاون المغربي–الصيني تحولًا نوعيًا مع توقيع مذكرة تفاهم لإعادة هيكلة الحوار الاستراتيجي بين وزارتي خارجية البلدين، في خطوة تؤكد متانة العلاقات الثنائية التي عرفت منذ 2016 دينامية متصاعدة عقب إرساء أسس الشراكة الاستراتيجية. هذا التطور يأتي في ظرفية دولية تتسم باضطراب سلاسل التوريد وتصاعد النزعات الحمائية، مما يمنح الرباط وبكين فرصة ثمينة لتعزيز تقاربهما السياسي والاقتصادي على أسس أكثر صلابة.



زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى بكين شكلت محطة محورية في مسار العلاقات الثنائية، حيث أكد مع نظيره الصيني وانغ يي على أهمية الارتقاء بمستوى الحوار السياسي وتوسيع نطاق التعاون ليشمل الاستثمار ونقل التكنولوجيا والطاقة النظيفة. وتوقّع الطرفان أن تتجاوز المبادلات التجارية 10 مليارات دولار بنهاية سنة 2025، بعدما ارتفعت الصادرات المغربية نحو الصين إلى 1.3 مليار دولار خلال العام الماضي، في مؤشر على تنامي الحضور المغربي داخل السوق الصينية.

ويعتبر خبراء أن توقيع مذكرة التفاهم يمثل انتقالًا من مجرد علاقات تجارية إلى بناء شراكات استثمارية متقدمة. فالمغرب يختلف عن العديد من دول المنطقة في تعامله مع بكين، إذ لا يراهن على القروض التفضيلية بقدر ما يسعى إلى جذب استثمارات حقيقية قادرة على خلق قيمة مضافة وتوفير فرص شغل، وهو ما ينسجم مع الرؤية الملكية لجعل المملكة منصة صناعية ولوجيستيكية ومالية في إفريقيا. في هذا السياق، تحظى المبادرة الملكية الأطلسية باهتمام خاص لدى الصين التي تنظر إليها كرافعة جيو-اقتصادية تعزز جاذبية المغرب كبوابة نحو غرب القارة.

على المستوى السياسي، يبرز هذا التقارب انسجامًا واضحًا في المواقف بين الرباط وبكين بخصوص قضايا التجارة الدولية والحوكمة العالمية، إضافة إلى التزامهما المشترك بتعزيز التعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق". كما أن الاستثمارات المرتقبة مرشحة لأن تشمل قطاعات استراتيجية مثل الصناعات المتقدمة، الطاقات المتجددة، الرقمنة والبنية التحتية، مما سيمنح الاقتصاد المغربي دفعة قوية نحو التحديث والتنافسية.

ويرى محللون أن المغرب، بفضل موقعه الجغرافي الاستثنائي واستقراره السياسي ورؤيته الإصلاحية، مؤهل لأن يصبح الشريك الأبرز للصين في إفريقيا والمتوسّط، بينما تمثل الاستثمارات الصينية رافعة لتعزيز أمنه الطاقي وتطوير بنيته الصناعية. بذلك يفتح هذا التقارب آفاقًا واسعة أمام البلدين، تتجاوز مجرد التبادلات التجارية نحو بناء شراكة استراتيجية متوازنة وواعدة قادرة على إعادة رسم ملامح الحضور الاقتصادي في المنطقة.

بقلم هند الدبالي 

المغرب، الصين، الشراكة الاستراتيجية، ناصر بوريطة، وانغ يي، الحوار الاستراتيجي، الاستثمارات، التبادلات التجارية، مبادرة الحزام والطريق، الطاقات المتجددة، إفريقيا، التعاون الاقتصادي.





الثلاثاء 23 شتنبر 2025
في نفس الركن