حياتنا

شباب المغرب يحافظون على الهوية الدينية رغم تراجع الممارسة


كشفت دراسة علمية دولية نشرتها مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” عن ملامح تحول هادئ في علاقة الشباب المغاربة بالدين، حيث أظهرت النتائج أنهم ما زالوا متمسكين بانتمائهم الديني، لكن مستوى التزامهم بالشعائر والممارسات الدينية يعرف تراجعاً ملحوظاً مقارنة بالأجيال الأكبر سناً. الدراسة، التي استندت إلى بيانات “مركز بيو للأبحاث” وشملت أكثر من 111 دولة، أبرزت أن المغرب، رغم مكانته ضمن البلدان الأكثر تديناً، يعيش بداية ما يسميه الباحثون “الانتقال العلماني”، وهي مرحلة تبدأ أولاً بتراجع المشاركة في الطقوس، تليها إعادة النظر في أهمية الدين في الحياة اليومية، بينما يبقى الانتماء الديني ثابتاً.



دراسة دولية تكشف ملامح التحول

المعطيات أوضحت أن مؤشر المشاركة، المرتبط بالحضور المنتظم للشعائر، يظهر فجوة واضحة بين الشباب وكبار السن، حيث يقل إقبال الفئة الشابة على هذه الممارسات. كما أن مؤشر الأهمية، الذي يقيس مدى اعتبار الدين ركناً أساسياً في الحياة، يسجل هو الآخر تراجعاً لدى الشباب مقارنة بالجيل الأكبر. في المقابل، يظل مؤشر الانتماء مستقراً، إذ يواصل أغلب الشباب تعريف أنفسهم كمنتمين لدين معين، وهو ما يعكس حفاظهم على الهوية الدينية رغم تغير الممارسة.

ويشير الباحثون إلى أن هذه الدينامية ليست خاصة بالمغرب، بل توازي مساراً مشابهاً في عدد من الدول الإسلامية، غير أنها تختلف عن التجربة الأوروبية حيث بدأ التراجع منذ عقود على مستوى الانتماء ذاته، بعد أن وصلت المشاركة والأهمية إلى أدنى مستوياتها. هذا ما يجعل الحالة المغربية أقرب إلى مرحلة أولية من التحول، تتميز ببطء وتدرج، حيث لا يحدث الانفصال عن الدين بشكل مفاجئ، بل عبر تقليص الممارسات الأكثر كلفة من حيث الوقت والجهد، مع الإبقاء على الهوية الدينية كجزء أساسي من الذات الفردية والجماعية.

وتخلص الدراسة إلى أن المغرب يوجد اليوم على خريطة التحولات الدينية العالمية، في لحظة دقيقة تعكس بداية تحول جيل جديد يعيد صياغة علاقته بالدين وفق توازن مختلف، يقوم على التمسك بالانتماء الرمزي والثقافي، مقابل تراجع الممارسة اليومية للشعائر. وهو تحول قد يحدد ملامح التدين في المستقبل، حيث تستمر الهوية قوية، بينما تتغير أشكال التعبير عنها مع الزمن.

بقلم هند الدبالي 

المغرب، الشباب، التدين، الانتماء الديني، الشعائر، الانتقال العلماني، التحولات الدينية، مركز بيو.





الأربعاء 10 شتنبر 2025
في نفس الركن