رواية الألم والحنين والصمود
تدور رواية «سوري وحر» حول مأساة اللجوء السوري من منظور إنساني عميق، يرويها عثمان الجديد بأسلوب يجمع بين الحنين، الألم، والتمسك بالأمل. النصّ يقدّم رحلة نفسية وجسدية قاسية، تبدأ من حلب المدمّرة وصولاً إلى مخيمات اللاجئين، مروراً بحدود الدول واستجوابات سلطاتها، حيث يصبح البحث عن الأمان والمأوى معادلاً للبحث عن معنى الحياة نفسها.
البداية تحمل نبرة وجدانية قوية، حيث يستحضر البطل وصايا جده الذي كان يردّد أن "الحياة صعبة لكنها تستحق"، في تذكير بأن التشبث بالحياة هو فعل مقاومة بحد ذاته. تنطلق القصة مع مشاهد الحرب: الصواريخ فوق الرؤوس، الجثث في الشوارع، البيوت المدمّرة، وغياب أي أفق للخلاص. هنا يقرر الراوي الرحيل إلى المغرب بعد أن ضاقت السبل في وطنه.
في طريق اللجوء، تتكثّف معاناة البطل: تفتيش على الحدود، نظرات ارتياب من الآخرين، وصورة نمطية للاجئ باعتباره عبئاً أو خطراً. يصف لحظات الانتظار الطويلة، والقلق الذي يسيطر على الوجوه، والتفتيش المهين الذي يجعل الكرامة تُسلب من أصحابها. ورغم الشعارات المرفوعة عن المساواة وحقوق الإنسان، يكتشف أن الواقع مغاير تماماً، وأن اللجوء يُختصر في حياة منبوذة بين المخيمات.
داخل الملجأ، يحاول البطل مع غيره بناء حياة بسيطة: العمل من أجل لقمة العيش، التعليم للأطفال، والبحث عن لحظات فرح عابرة. لكن الحنين للوطن لا يفارقهم، ويجتمعون كل ليلة حول المذياع ليستمعوا إلى أخبار بلادهم. المخيم يتحول إلى عالمٍ صغير يختلط فيه السوري، المغربي، والإيطالي وغيرهم، لكن المشترك بينهم هو الشوق إلى أوطانهم وضياع الإحساس بالانتماء.
تتطرق الرواية إلى فصول أخرى من المعاناة: محاولات فاشلة للهجرة نحو أوروبا، رحلات محفوفة بالموت في البحر، وذكريات مؤلمة عن الفقر والجوع في شوارع المدن. يصف الكاتب مشاهد نوم اللاجئين في الطرقات، بحثهم عن مأوى أو لقمة، وصعوبة العثور على عمل يوفّر الكرامة. كل ذلك يُقدَّم في لغة مشحونة بالعاطفة، تُبرز الضعف الإنساني ولكن أيضاً القدرة على الصمود.
القسم الأكثر مأساوية هو وفاة طفلة صغيرة في المخيم. يصورها الكاتب كأنها ملاك بريء، تحمل أحلاماً بسيطة بأن تصبح صحافية، قبل أن تخطفها قسوة الحياة. يضطر البطل لدفنها وحيداً، مشهداً مأساوياً يجمع بين الحزن العميق والحنين إلى أحضان الوطن والأهل. هنا يتضح البعد الرمزي للرواية: الطفلة ليست مجرد شخصية، بل رمز لجيلٍ بأكمله دُفن معه حلم الحرية والكرامة.
إلى جانب المعاناة، يبرز النص أيضاً لحظات إنسانية مشرقة: تضامن اللاجئين في المخيم، دفء الأغاني والذكريات، والابتسامات النادرة التي تذكّرهم بطفولة ضائعة. الجدة والأم والجد جميعهم يحضرون في ذاكرة الراوي كأشباحٍ جميلة تمنحه القدرة على الاستمرار.
الرواية في مجملها ليست مجرد حكاية لجوء، بل شهادة حيّة عن جيلٍ حُكم عليه بالتشرّد. هي وثيقة أدبية عن الحرب السورية، وعن الوجه الآخر للإنسانية في زمن القسوة. عثمان الجديد لا يكتفي بسرد أحداث شخصية، بل يضع القارئ أمام مرآة تكشف هشاشة القيم حين تُختبر في الواقع: المساواة، الحرية، والعدالة، تتحول لشعارات تتبخر أمام الحدود المغلقة والتمييز العرقي.
ورغم قسوة التجربة، ينتهي النص بنغمة أقرب إلى الصمود. فمع كل هذا الألم، يبقى التمسك بالأمل والحرية هو ما يمنح البطل القدرة على الاستمرار. "سوري وحر" ليست فقط عن معاناة اللاجئين، بل عن معنى أن تبقى إنساناً في عالم يريد أن ينزع عنك إنسانيتك.
البداية تحمل نبرة وجدانية قوية، حيث يستحضر البطل وصايا جده الذي كان يردّد أن "الحياة صعبة لكنها تستحق"، في تذكير بأن التشبث بالحياة هو فعل مقاومة بحد ذاته. تنطلق القصة مع مشاهد الحرب: الصواريخ فوق الرؤوس، الجثث في الشوارع، البيوت المدمّرة، وغياب أي أفق للخلاص. هنا يقرر الراوي الرحيل إلى المغرب بعد أن ضاقت السبل في وطنه.
في طريق اللجوء، تتكثّف معاناة البطل: تفتيش على الحدود، نظرات ارتياب من الآخرين، وصورة نمطية للاجئ باعتباره عبئاً أو خطراً. يصف لحظات الانتظار الطويلة، والقلق الذي يسيطر على الوجوه، والتفتيش المهين الذي يجعل الكرامة تُسلب من أصحابها. ورغم الشعارات المرفوعة عن المساواة وحقوق الإنسان، يكتشف أن الواقع مغاير تماماً، وأن اللجوء يُختصر في حياة منبوذة بين المخيمات.
داخل الملجأ، يحاول البطل مع غيره بناء حياة بسيطة: العمل من أجل لقمة العيش، التعليم للأطفال، والبحث عن لحظات فرح عابرة. لكن الحنين للوطن لا يفارقهم، ويجتمعون كل ليلة حول المذياع ليستمعوا إلى أخبار بلادهم. المخيم يتحول إلى عالمٍ صغير يختلط فيه السوري، المغربي، والإيطالي وغيرهم، لكن المشترك بينهم هو الشوق إلى أوطانهم وضياع الإحساس بالانتماء.
تتطرق الرواية إلى فصول أخرى من المعاناة: محاولات فاشلة للهجرة نحو أوروبا، رحلات محفوفة بالموت في البحر، وذكريات مؤلمة عن الفقر والجوع في شوارع المدن. يصف الكاتب مشاهد نوم اللاجئين في الطرقات، بحثهم عن مأوى أو لقمة، وصعوبة العثور على عمل يوفّر الكرامة. كل ذلك يُقدَّم في لغة مشحونة بالعاطفة، تُبرز الضعف الإنساني ولكن أيضاً القدرة على الصمود.
القسم الأكثر مأساوية هو وفاة طفلة صغيرة في المخيم. يصورها الكاتب كأنها ملاك بريء، تحمل أحلاماً بسيطة بأن تصبح صحافية، قبل أن تخطفها قسوة الحياة. يضطر البطل لدفنها وحيداً، مشهداً مأساوياً يجمع بين الحزن العميق والحنين إلى أحضان الوطن والأهل. هنا يتضح البعد الرمزي للرواية: الطفلة ليست مجرد شخصية، بل رمز لجيلٍ بأكمله دُفن معه حلم الحرية والكرامة.
إلى جانب المعاناة، يبرز النص أيضاً لحظات إنسانية مشرقة: تضامن اللاجئين في المخيم، دفء الأغاني والذكريات، والابتسامات النادرة التي تذكّرهم بطفولة ضائعة. الجدة والأم والجد جميعهم يحضرون في ذاكرة الراوي كأشباحٍ جميلة تمنحه القدرة على الاستمرار.
الرواية في مجملها ليست مجرد حكاية لجوء، بل شهادة حيّة عن جيلٍ حُكم عليه بالتشرّد. هي وثيقة أدبية عن الحرب السورية، وعن الوجه الآخر للإنسانية في زمن القسوة. عثمان الجديد لا يكتفي بسرد أحداث شخصية، بل يضع القارئ أمام مرآة تكشف هشاشة القيم حين تُختبر في الواقع: المساواة، الحرية، والعدالة، تتحول لشعارات تتبخر أمام الحدود المغلقة والتمييز العرقي.
ورغم قسوة التجربة، ينتهي النص بنغمة أقرب إلى الصمود. فمع كل هذا الألم، يبقى التمسك بالأمل والحرية هو ما يمنح البطل القدرة على الاستمرار. "سوري وحر" ليست فقط عن معاناة اللاجئين، بل عن معنى أن تبقى إنساناً في عالم يريد أن ينزع عنك إنسانيتك.
نقاش للاستماع : المعلقين على ويب راديو مغاربة العالم R212 حول محتوى القصة
اقرأ هذه القصة
تحميل القصة بصيغة PDF
📌 تنويه
العمل الأدبي الذي نقدّمه هنا هو : "قصة غلطة" بقلم عثمان الجديد - مؤسس جمعية كتّاب مغاربة
هذا النص الإبداعي يعكس رؤية وتجربة صاحبه، ولا يعبّر بالضرورة عن مواقف أو توجهات المنصة الناشرة.
هذا النص الإبداعي يعكس رؤية وتجربة صاحبه، ولا يعبّر بالضرورة عن مواقف أو توجهات المنصة الناشرة.