أخبار بلا حدود

رئيس الاستخبارات الفرنسية يفضح وهم القوة لدى النظام الجزائري ويكشف عن إشارات لاستئناف الحوار مع باريس


في تصريح مثير حمل رسائل سياسية عميقة، فضح رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، نيكولا ليرنر، ما وصفه بـ“وهم القوة” الذي يروّج له النظام العسكري الجزائري، مؤكداً أن الجزائر وجّهت في الآونة الأخيرة إشارات إلى باريس تُفيد باستعدادها لاستئناف الحوار بعد أكثر من سنة من القطيعة السياسية والدبلوماسية غير المسبوقة بين البلدين.



وقال ليرنر، في مقابلة مع إذاعة “فرانس إنتر” اليوم الاثنين، إن تلك الإشارات “كانت علنية وغير علنية على السواء”، مشدداً على أن فرنسا ظلت مستعدة للحوار كما كانت دوماً، رغم التوترات التي طبعت علاقات البلدين خلال الأشهر الماضية.

وأوضح المسؤول الفرنسي، وفق ما نقلته منصة “يورونيوز”، أن أي تقدّم ملموس في العلاقات الثنائية يبقى مشروطاً بتحقيق مطلب واضح يتمثل في إطلاق سراح مواطنين فرنسيين محتجزين في الجزائر، في إشارة إلى الكاتب بوعلام صنصال، المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة “المساس بوحدة الوطن”، والصحافي كريستوف غليز، الذي يواجه حكماً ابتدائياً بالسجن سبع سنوات بتهمة “تمجيد الإرهاب”، في انتظار محاكمته الاستئنافية المرتقبة في الثالث من دجنبر المقبل.

وأشار ليرنر إلى أن العلاقات بين باريس والجزائر وصلت إلى “مستوى متدنٍ جداً من التعاون العملياتي في مكافحة الإرهاب،” مضيفاً أن “الاستمرار في هذا الوضع من الانسداد لا يخدم مصالح أي من الطرفين.”

ويأتي هذا التصريح في وقت يعيش فيه النظام الجزائري عزلة متزايدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية المتراكمة، سواء مع المغرب أو مع عدد من القوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا. ويرى مراقبون أن هذه “الإشارات” التي تحدث عنها رئيس الاستخبارات الفرنسية تعبّر عن تراجع في الخطاب المتشدد للسلطات الجزائرية، بعد إدراكها أن سياسة التصعيد والعزلة لم تعد تخدم مصالحها الاستراتيجية.

ويرجّح محللون أن يكون النظام العسكري الجزائري قد اقتنع بضرورة مراجعة مواقفه، بعدما فقد الكثير من أوراقه السياسية والدبلوماسية، وبات أمام واقع يفرض عليه التقرب من باريس بحثاً عن مخرج من الأزمة التي أضعفت صورته في الخارج وأثّرت على موقعه الإقليمي.

ويبدو أن التحول في خطاب الجزائر تجاه فرنسا يعكس محاولةً لتخفيف الضغط الدولي واستعادة بعض من العلاقات التي كانت تربط البلدين، خصوصاً في الملفات الأمنية والاقتصادية. غير أن الشرط الفرنسي بإطلاق سراح المواطنين الفرنسيين قد يشكّل اختباراً حقيقياً لمدى جدية الجزائر في طي صفحة الخلاف وفتح مسار جديد من التعاون المتوازن.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح:
هل تمثل هذه “الإشارات الجزائرية” بداية انفراج حقيقي في العلاقات بين باريس والجزائر، أم مجرد مناورة دبلوماسية جديدة من النظام الجزائري لمحاولة كسر عزلته دون تقديم تنازلات جوهرية؟

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 11 نونبر 2025
في نفس الركن