كتاب الرأي

خطاب افتتاح دورة البرلمان: قراءة من زاوية منفرجة


يحتاج خطاب الملك في افتتاح دورة البرلمان لقراءة من زاوية منفرجة لا تدعي الإحاطة بجميع القضايا المؤرقة التي أشار إلى بعض مفاتيح معالجتها ، ولكنها قراءة تنعتق من نمطية التحليل الذي لا يقدم سوى نظرة محنطة تجعل من الأفكار أصناما في محراب التزلف أو مجرد شعارات ملؤها الاجترار وثرثرة الكلام .



الخطاب كالعادة كان مباشرا في رسائله عندما وضع المعنيين به ( حكومة وبرلمان )  أمام مسؤولياتهم ، وإذا شئنا أن نفرد عنوانا لتلك الرسائل جاز لنا القول بأنها تهم إعادة الاعتبار لمنظومة القيم والانتقال بها من خطاب العواطف إلى الواقع الملموس ، فلا مجال للتماسك الاجتماعي الحقيقي بسياسة النعامة  وذر الرماد في العيون ، فالملك حين استحضر ما تعرفه هذه المنظومة من تراجع ملحوظ بلغ حد التخلي أعلن عن تنزيل برنامج للدعم الاجتماعي المباشر لفئات بعينها تعاني الأمرَّين ( أطفال ، معاقين ، مسنين ، حديثو الولادة ، أسر ومواطنون في وضعية هشاشة  ...) وهو برنامج يجب أن يهدف إلى رفع مستوى معيشة تلك الفئات برفع  معاناة القهر والحرمان والبؤس الذي تعيشه ليس بواسطة فتات الصدقات الموسمية التي توزع هنا وهناك أوالقفف الانتخابية  وما شابهها ،فمحاربة الفقر والهشاشة وتحسين المؤشرات الاجتماعية تتحقق بالتضامن الفعلي الذي من شأنه تحصين المجتمع من مختلف الظواهر السلبية التي تهدد كيانه بشكل خطير .


لقد دعت الرسائل الصريحة  الحكومة إلى مراعاة الإنصاف والشفافية والحكامة واعتماد آليات التتبع والتقييم والتقويم حتى يُصرف الدعم لمستحقيه .   


ودعت الرسائل الصريحة البرلمان إلى العمل على تنزيل المشاريع والإصلاحات الكبرى  واليقظة في المراقبة والتتبع ، وبمعنى آخر دعوة البرلمان لتحمل مسؤوليته الجوهرية في التشريع والمراقبة بكل جرأة وبمبادرات مدروسة  علمية دقيقة و قابلة  للإنجاز وليس بالشعارات الرنانة وإهدار الزمن التشريعي  في التنابز والمجادلات العقيمة . 


إن إعادة الاعتبار لمنظومة القيم و تحقيق الإنصاف الاجتماعي لا يمكن بلوغه بالاكتفاء  بسياسة كلاسيكية ترقيعية بقدر ما يتوقف على تمكين الجميع من الحقوق الأساسية  ( الصحة والتربية والعمل ) لأن استراتيجية محاربة الفقر والهشاشة يجب بناؤها على هدف الخروج من تلك الأوضاع  لتحقيق كرامة العيش لا مجرد تحمل وطأتها ومن المؤكد أن ذلك يفرض نهج اختيارات اقتصادية واجتماعية متكاملة فأولوية الأولويات بناء شروط الكرامة لجميع المواطنين على حد سواء حيث كل فرد أمام مسؤولياته يدرك حقوقه وواجباته ، والكرامة يصونها العمل لا البطالة  لأن البطالة مرادف لليأس والضياع والانحراف والحقد على المجتمع والكفر بكل شعارات القيم و الكلام والأماني .


رسائل خطاب الملك في البرلمان  تدعو إلى ضخ روح الأمل في ورش الحماية الاجتماعية المتهالك . فهل للحكومة والبرلمان آذان صاغية أم على أعينهم غشاوة ؟؟ .

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 16 أكتوبر 2023

              

















تحميل مجلة لويكاند


القائمة الجانبية الثابتة عند اليمين





Buy cheap website traffic