كتاب الرأي

حين تبيع الجزائر باطن أرضها... لإنقاذ وهمٍ اسمه البوليساريو




بقلم: عدنان بن شقرون، كاتب رأي في “أل.أو.دي.جي ميديا”

سيُسجل التاريخ يوماً أن دولةً غنية بالنفط والغاز والمعادن النادرة قررت أن تبيع مواردها الطبيعية، لا من أجل التنمية، ولا من أجل مستقبل شعبها، بل من أجل إنقاذ قضيةٍ خاسرة، وشراء موقف دبلوماسي من واشنطن.

ما يحدث اليوم في الجزائر ليس "إصلاحًا اقتصاديًا"، بل مقامرة سياسية مكشوفة، وصفقة يائسة مع القوى الكبرى، عنوانها الحقيقي: كيف نحافظ على دعم أمريكي متآكل لجبهة البوليساريو، ولو كان الثمن هو رهن الثروات الوطنية للأجنبي؟

انفتاح اقتصادي أم انكسار سيادي؟
من حيث الشكل، أرسلت الحكومة الجزائرية مشروع قانون جديد يفتح باب الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة والمناجم بنسبة قد تصل إلى ثمانين في المئة. ومن حيث الخطاب، يُروج للخطوة على أنها ضرورة لجذب رؤوس الأموال ونقل التكنولوجيا.

لكن الحقيقة أبعد من ذلك. فالخطوة تتزامن مع تحركات جزائرية محمومة في واشنطن، حيث تسعى الجزائر بكل ما أوتيت من أوراق للضغط على الكونغرس حتى لا يصنّف البوليساريو كمنظمة إرهابية، في وقت تتزايد فيه التقارير عن علاقات الجبهة مع شبكات تهريب وسلاح وجماعات مسلحة في الساحل.

هل هي مصادفة إذًا أن تتقاطع هذه "المرونة الاقتصادية" مع مفاوضات سرية مع شركات أمريكية كـ شيفرون وإكسون موبيل؟ قطعًا لا.

واشنطن تأخذ الموارد... وتتجاهل الرواية
أمام برود الموقف الأمريكي من أطروحة "تقرير المصير"، ومع ميل واشنطن الواضح نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، قررت الجزائر استخدام ورقتها الأخيرة: الثروات.

رسائلها واضحة: افتحوا لنا أبواب البيت الأبيض، وهاكم نفطنا، وغازنا، ومعادننا. ولأن الاقتصاد هو لغة أمريكا، فإن هذه العروض تلقى آذانًا صاغية من لوبيات الاستثمار، لكنها لا تغيّر شيئًا في جوهر الموقف السياسي الأمريكي الذي بات يعتبر ملف الصحراء "مغربيًا بامتياز".

 من يدفع الثمن؟ المواطن الجزائري أولاً
ليس الجنرالات، ولا سفراء النظام، ولا زعماء البوليساريو هم من سيدفعون فاتورة هذا الانبطاح الطاقي. وحده المواطن الجزائري، المحروم من أبسط شروط العيش الكريم، هو من يُباع باسمه الغاز والذهب الأسود.

بلاد تعاني من بطالة متفشية، تعليم متدهور، منظومة صحية مهترئة، وبنية تحتية متهالكة، تجد نفسها اليوم تتخلى عن أهم مقومات السيادة... من أجل "وهم اسمه الجمهورية الصحراوية".

دبلوماسية محنطة في سرديات الماضي
لا تزال الجزائر تسجن نفسها في رواية من زمن الحرب الباردة، ترى فيها نفسها "حامية للمظلومين" و"مناضلة من أجل حقوق الشعوب". لكنها لم تلاحظ أن العالم تغيّر، وأن مصالح الدول اليوم تُبنى على الواقعية، لا على الشعارات.

الجزائر تُنفق الملايين على جبهة البوليساريو، في وقت أغلقت فيه عشرات المدارس والمستشفيات داخل البلاد. لماذا؟ فقط لتحافظ على ورقة ابتزاز سياسي فَقَدت كل قيمتها في السوق الدولية.

قد يقول البعض : "الجزائر من حقها استقطاب الاستثمارات وتحرير اقتصادها". هذا صحيح. لكن متى يصبح هذا التحرير مجرد رشوة سياسية مغلفة باتفاقيات اقتصادية؟ وهل يُعقل أن نربط موارد شعب كامل بمصير جبهة لا تُمثل سوى أقلية داخل المخيمات؟

هذا ليس قرارًا سياديًا، بل انسحاب من السيادة. ليس شجاعة اقتصادية، بل ارتهان سياسي.

ما تبيعه الجزائر اليوم ليس الغاز ولا النفط فقط. إنها تبيع خطابها الثوري، سيادتها، وكبرياءها الذي طالما تباهت به. كل ذلك فقط، حتى لا يُقال إن البوليساريو خسر كل داعميه.

لكن الحقيقة واضحة: العالم تحوّل، والخرائط تُرسم من جديد، ومن يصر على السباحة ضد التيار... يغرق.




الجمعة 27 يونيو 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic