آخر الأخبار

جهاز الاستخبارات المغربي: نموذج إقليمي يجمع بين الحنكة الميدانية والتأطير القانوني


في تقرير حديث صادر عن "مركز روك"، وهو مركز متخصص في الدراسات الأمنية والجيواستراتيجية، تم تسليط الضوء على جهاز الاستخبارات المغربي كنموذج إقليمي متفرد يجمع بين الفعالية الميدانية والتأطير القانوني الصارم. يتناول التقرير التحولات التي شهدها هذا الجهاز، تحت قيادة شخصيتين بارزتين: عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، ومحمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات (DGED).



القيادة والتنسيق
منذ عام 2015، يتولى حموشي قيادة الأمن الوطني والاستخبارات الداخلية، مما يعزز التنسيق بين المعلومات الاستخباراتية والتنفيذ الأمني. وقد ساهمت هذه الصيغة الفريدة في تحويل DGST إلى جهاز يتسم بالانفتاح على التعاون الدولي، ويحقق دقة أكبر في الضربات الاستباقية. وقد حصل المغرب على إشادات من دول مثل إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ليس فقط لنجاحه في صد الخلايا الإرهابية، بل أيضًا لبناء منظومة ردع متكاملة تحترم القوانين والدستور، خاصة بعد التعديلات التي أقرها دستور 2011.

الدور الخارجي للاستخبارات
على الجبهة الخارجية، يقود محمد ياسين المنصوري DGED منذ عام 2005، كأول مدني يتولى هذا المنصب. خبرته الدبلوماسية ساهمت في جعل الاستخبارات الخارجية أداة استراتيجية للدبلوماسية المغربية، حيث تجمع بين حماية المصالح الوطنية وبناء علاقات ثقة مع الشركاء الدوليين. في بيئة إقليمية مشحونة بالنزاعات، لعب المنصوري دورًا حيويًا في تعزيز صورة المغرب كقوة استقرار وحليف موثوق.

التحولات القانونية
لم تقتصر التحولات في العمل الاستخباراتي المغربي على الهيكلة والقيادة، بل شملت أيضًا الإطار القانوني. بعد أحداث الدار البيضاء الإرهابية في 2003، تم إصدار القانون 03-03 لمكافحة الإرهاب، وتبعه مجموعة من القوانين الخاصة بحماية المعطيات الشخصية، ومكافحة غسل الأموال، وأمن الأنظمة المعلوماتية. هذه القوانين وضعت ضوابط قانونية واضحة للعمل الاستخباراتي، مع الحفاظ على القدرة على التحرك السريع ضد التهديدات المتغيرة.

التحديات الجديدة
اليوم، يواجه المغرب تحديات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي، الهجمات السيبرانية المعقدة، سباق التسلح في مجال التشفير، وحملات التأثير العابرة للحدود. في هذا السياق، يبقى رهان حموشي والمنصوري مزدوجًا: الحفاظ على الفعالية الميدانية وتطوير إطار تشريعي مرن يتماشى مع التطورات التكنولوجية والتهديدات المستجدة، دون التفريط في الحقوق والحريات.

الأمن والشرعية
لقد أثبت المغرب خلال العقدين الماضيين أن الأمن واحترام القانون ليسا مسارين متوازيين، بل يمكن أن يشكلا معًا أساسًا لشرعية الدولة وقوتها الناعمة. التحدي المقبل، حتى عام 2030، سيكون قدرة الأجهزة الاستخباراتية، بقيادة حموشي والمنصوري، على البقاء في طليعة الابتكار الأمني، وتحويل المعلومة إلى أداة للسيادة والحماية والتأثير في عالم يتغير بسرعة.

ويظل جهاز الاستخبارات المغربي مثالًا يُحتذى به في المنطقة، إذ يجمع بين الفعالية الميدانية والالتزام القانوني، مما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المغرب وإفريقيا. إن التحديات المستقبلية تتطلب استمرارية الابتكار والتكيف مع المتغيرات العالمية، وهو ما يسعى إليه المغرب من خلال قيادته الحكيمة في هذا المجال.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 15 أغسطس/أوت 2025
في نفس الركن