وجاءت شرارة الخلاف عندما أثارت النائبة البرلمانية هند بناني الرطل، عضو مجموعة العدالة والتنمية، قضايا دقيقة مرتبطة بقانون مهنة العدول، وهو ما اعتبره الوزير وهبي مناسبة لتقديم توضيحات، إلا أن ردوده وتصرفاته أثارت ردود فعل حادة من قبل أعضاء المجموعة النيابية، على رأسهم عبد الصمد حيكر، الذي حاول الدفاع عن موقف النائبة وإيضاح الإشكاليات القانونية المتعلقة بالقانون محل النقاش.
تدخل إدريس اشطيبي، النائب الثالث لرئيس مجلس النواب عن حزب الاتحاد الاشتراكي، لمنع حيكر من الاستمرار في الرد على الوزير، مؤكداً على أن “سي حيكر، لم يمر في تاريخ هذه المؤسسة أن عضوا فيها أخذ نقطة نظام أكثر من ثلاث مرات… لن أمنحك فوق ثلاثة تدخلات”، قبل أن يصف نواب العدالة والتنمية بأنهم “ماركسيون على سنة الله ورسوله”. هذا التصريح أثار استياء النواب المعارضين، ما دفع برؤساء بعض الفرق، بما فيها الفريق الاشتراكي، للضغط على رفع الجلسة للحفاظ على النظام داخل القاعة.
وعلّق عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على الحادثة، واصفاً الوزير وهبي بأنه “وزير برتبة زنقوي لا يشرف المؤسسات الدستورية”، مضيفاً أن أي استخدام للسب والشتم تجاه النواب “لا يُعدّ مجرد مسّ بشخصية النائب، بل اعتداء لفظياً على سلطة منتخَبة وإهانة لكرامة المجلس وهيبته، وإخلال بمبدأ احترام الإرادة الشعبية الممثَّلة في البرلمان وساكنيه”.
وطالب حامي الدين الوزير عبد اللطيف وهبي بتقديم استقالته فوراً من مهامه الحكومية، معتبراً أن هذا هو الإجراء الوحيد القادر على إعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية، وترسيخ الثقة في العمل السياسي الديمقراطي، وضمان علاقة الاحترام المتبادل بين الأغلبية والمعارضة.
وقد سلطت الحادثة الضوء على توترات مستمرة بين بعض أعضاء الحكومة والبرلمان، خاصة في الملفات الحساسة التي تمس القطاعات القانونية والتنظيمية، مثل قانون مهنة العدول، الذي يشهد جدلاً واسعاً بين المهنيين والبرلمان. كما كشفت عن هشاشة الانضباط البرلماني في مواجهة النقاشات الساخنة، وضرورة وضع آليات واضحة لضمان الحوار المؤسسي الهادئ، والحفاظ على احترام النواب لبعضهم بعضاً داخل الجلسات.
ويطرح هذا الخلاف أسئلة حول مدى قدرة الحكومة والبرلمان على إدارة الخلافات القانونية والسياسية بحكمة، خصوصاً في ظل استمرارية ملفات تشريعية حساسة تمس قطاعات كالقضاء والمحاماة والعدول، وما إذا كانت الأساليب المعتمدة من طرف بعض المسؤولين الحكوميين تتماشى مع القيم الديمقراطية واحترام المؤسسات