حياتنا

تقرير : أكثر من 10 ملايين مغربي يعيشون هشاشة صحية واجتماعية.. وغياب التقاعد يطال الملايين


يعرض تقرير حديث حول وضع الحماية الاجتماعية في المغرب صورة مركّبة لواقع الإصلاحات الجارية، حيث تتقاطع مكاسب ملموسة منذ إطلاق ورش التعميم الشامل سنة 2021 مع اختلالات عميقة ما تزال تحدّ من الأثر الحقيقي لهذه السياسات على حياة المواطنين.



ويبرز التقرير، الذي أعدّه المركز المغربي للحكامة والتسيير بشراكة مع المؤسسة الألمانية "KSA"، أن منظومة العلاج ما زالت تعاني من فجوات واسعة، إذ إن 23% من المغاربة، أي حوالي 8.5 ملايين شخص، يجدون أنفسهم غير قادرين على الولوج الفعلي إلى الخدمات الصحية رغم تسجيل جزء منهم في أنظمة التأمين، بينما لا يزال نحو 5 ملايين خارج أي تغطية طبية من الأساس.
 

ويتّضح من المعطيات الرسمية أن عدد المسجلين في منظومات التأمين الصحي بلغ 31.8 مليون شخص نهاية 2024، فيما وصل معدل التغطية الوطنية إلى 79.8% عام 2022، غير أن واقع الممارسة يكشف عن فئة كبيرة تقارب 3.5 ملايين شخص تعيش في وضعية "حقوق مغلقة"، ما يعني حرمانها من الاستفادة المباشرة من العلاج. وتزداد حدة الإشكال حين يتضح أن 65% من البنيات الصحية العمومية والخاصة تتمركز في خمس جهات فقط، إلى جانب خصاص مهول يناهز 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض وفق معايير منظمة الصحة العالمية.
 

وتؤدي هذه الاختلالات إلى توجه أكثر من 90% من المؤمّنين نحو القطاع الخاص لطلب العلاج، مقابل نسبة ملء لا تتجاوز 52% داخل المستشفيات العمومية، ما يرفع كلفة الرعاية الصحية ويزيد الضغط على أنظمة التأمين، خاصة في ظل هيمنة نفقات الأدوية التي تستحوذ على 33% من مصاريف التأمين الإجباري عن المرض.
 

أما في جانب التقاعد، فيعرض التقرير صورة لا تقل تعقيدًا، إذ يظل 60% من الساكنة النشيطة، أي أكثر من 6 ملايين شخص، خارج أي نظام للتقاعد. ويبرز اختلال التوازن الديمغرافي بشكل صارخ داخل النظام العمومي، حيث تراجع معدل المساهمين لدى الصندوق المغربي للتقاعد إلى 1.14 فقط لكل متقاعد سنة 2024، بينما سجّلت CNSS ما يقارب 753 ألف مستفيد من المعاشات بمتوسط معاش يبلغ 1.814 درهم شهريًا، وهو رقم يضع شريحة واسعة من المتقاعدين في وضع مالي هش.
 

وفي ما يتعلق بسوق الشغل، فقد وصل معدل البطالة إلى 12.8% على المستوى الوطني، وارتفع إلى 35.8% لدى الشباب و19.9% لدى النساء، إضافة إلى وجود 1.5 مليون شاب في وضعية "NEET" خارج الدراسة والتكوين والعمل. كما يشير التقرير إلى أن نصف طلبات تعويض فقدان الشغل تُرفض بسبب شروط الولوج المعقّدة، ما يفقد هذا النظام وظيفته كآلية حماية اجتماعية فعالة.
 

وتطرح وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة تحديات إضافية، إذ لا يتوفر سوى 34.1% منهم على تغطية صحية، بينما يظل تعميم بطاقة الإعاقة محدود الأثر جغرافيًا. وفي جانب حوادث الشغل، سُجّلت حوالي 2000 وفاة سنويًا، مع حجم أقساط تأمين لم يتجاوز 2.55 مليار درهم خلال 2023، وهو رقم لا يعكس حجم الخسائر المسجلة فعليًا.
 

أما على مستوى الطفولة، فيشير التقرير إلى أن الدعم المباشر سيبلغ 300 درهم شهريًا للأطفال ابتداءً من 2026، و400 درهم للأطفال في وضعية إعاقة، فيما تستفيد الأسر الفقيرة من دعم قد يصل إلى 500 درهم شهريًا، ويتجاوز أحيانًا 1000 درهم حسب الحالات الاجتماعية. كما حُددت منحة الولادة في 2000 درهم للمولود الأول و1000 درهم للثاني.
 

ويرى التقرير أن اتساع القطاع غير المهيكل، الذي يمثل 33% من الناتج الداخلي ويشغّل نحو 2.5 مليون شخص، يشكل أحد أبرز التحديات أمام استدامة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، داعيًا إلى تسريع إدماجه في النظام الجديد للحقوق الاجتماعية العامة.

 


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 1 دجنبر 2025
في نفس الركن