وتُظهر البيانات التي عرضها الحرس المدني، ونقلتها صحيفة “إلفارو”، أن الشبكة تحولت إلى ما يشبه “مقاولة إجرامية” تقدم خدماتها بنظام مالي دقيق يلائم نوع العملية المطلوبة. فالعبور نحو سبتة كان يكلف ما بين 9 آلاف و10 آلاف يورو، تتضمن تكاليف مراقبة السواحل وشراء معدات الغوص وتمويل الرحلات البحرية، بينما ترتفع التكلفة إلى 14 ألف يورو عند الرغبة في الوصول إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، بسبب تورط وسطاء وشبكات مالية سرية ورشاوى يقدمها المتورطون لمن يسهلون مرورهم أو يغضّون الطرف.
ويدفع التحقيق نحو صورة أوضح : الشبكة لم تكن تقدم خدمات للهجرة فقط، بل توسعت إلى نشاط آخر أكثر حساسية، يتعلق بالزيجات الصورية، حيث وفرت “عقود زواج وهمية” مقابل مبالغ تصل إلى 12 ألف يورو، في محاولة لمنح المهاجرين وضعًا قانونيًا داخل التراب الإسباني. كما ظهر أن تهريب القاصرين شكل جزءًا ثابتًا من عمل الشبكة، إذ كانت توفر للأطفال طرق عبور نحو سبتة ثم تنقلهم لاحقًا إلى الداخل الإسباني بمبالغ تتراوح بين 8 آلاف و11 ألف يورو حسب الطريقة المعتمدة.
وأبرزت التحقيقات أيضا أن الشبكة لم تكتف بمسار سبتة التقليدي، بل تحركت لافتتاح طرق جديدة نحو طريفة وجزر البليار، معتمدة على تطبيقات اتصال مشفرة لتنسيق عملياتها وإخفاء خطوط التواصل بين عناصرها. ورغم هذه الإجراءات، تمكنت السلطات من تتبع التحركات وكشف الروابط التي كانت تعمل على تسهيل وصول مجموعات جديدة من المهاجرين إلى تلك الوجهات.
وتؤكد العملية التي نفذها الحرس المدني أن الهجرة غير النظامية لم تعد مجرد عبور بحري محفوف بالمخاطر، بل تحولت على يد مثل هذه الشبكات إلى صناعة متكاملة، تمتد بين الاتجار بالإنسان وتزييف الوثائق واستغلال الثغرات القانونية، وهو ما يطرح أسئلة جديدة حول آليات الحد من هذه الأنشطة في ظل توسعها واعتمادها أساليب أكثر تعقيدًا من السابق