كتاب الرأي

تغييب الأخصائي النفسي في الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية والعقلية: دعوة للمراجعة وإعادة الإعتبار


بصفتي الأمين العام للمنظمة الوطنية للدعم والتمكين النفسي والاجتماعي، ورئيس الجمعية المغربية للباحثين والأخصائيين النفسيين الاجتماعيين، أود أن أعبر، بصفة مسؤولة ومهنية، عن بالغ القلق إزاء تغييب الأخصائي النفسي ضمن الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية والعقلية، كما تم عرضها مؤخرا من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.



إن هذا الإغفال يثير تساؤلات جوهرية حول منهجية إعداد هذه الاستراتيجية، ومدى التزامها بالمعايير العلمية الدولية المعتمدة في مجال الصحة النفسية المجتمعية. فالأخصائي النفسي يشكل فاعلا رئيسيا في منظومة الوقاية والتكفل النفسي، وذلك من خلال مهامه التي تشمل التقييم النفسي الدقيق، الدعم العلاجي المستمر، المرافقة النفسية، والإسهام في تعزيز الصحة النفسية الجماعية داخل المؤسسات الصحية، التربوية، والاجتماعية.

وقد وجهنا، في هذا الإطار، مراسلة رسمية إلى السيد وزير الصحة، أطلب فيها توضيحا بخصوص هذا التهميش غير المبرر، ونأؤكد من خلالها أن أي سياسة عمومية للصحة النفسية لا تدمج الأخصائيين النفسيين بشكل هيكلي ومؤسسي، تبقى قاصرة عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية، سواء من حيث النجاعة أو من حيث الأثر المجتمعي المستدام.

فالنجاعة في التدخلات النفسية تتطلب مقاربة متعددة التخصصات (interdisciplinary approach)، حيث يتكامل فيها الطب النفسي، علم النفس الاجتماعي والمعرفي و العيادي و العصبي..... وتخصصات كثيرة أخرى لا يسعني إدراجها، هذا التكامل هو ما تنادي به منظمة الصحة العالمية (OMS, 2013) وكل التوصيات الدولية ذات الصلة.

كما أن الواقع الميداني يشهد اليوم تزايدا في السلوكيات الخطرة والجرائم ذات الخلفية المرضية النفسية، ما يفرض تعزيز آليات الرصد والتكفل المبكر، وهو دور محوري من صميم اختصاص الأخصائي النفسي. إن تهميش هذا الدور لا يعرض فقط مصلحة المهنيين للخطر، بل يمس بشكل مباشر حق المواطن في رعاية نفسية متكاملة وفعالة.

ختاما، فإننا نؤكد، كممثلين رسميين لهيئات مهنية ونفسية وطنية، أن إدماج الأخصائيين النفسيين ضمن مختلف مراحل إعداد وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية والعقلية، هو ضرورة علمية ومؤسساتية لا تحتمل التأجيل، إن كنا فعلا نسعى إلى بناء سياسة صحية شمولية، وقائمة على أسس علمية، إنسانية، وحقوقية.




الثلاثاء 6 مايو 2025

              

تعليمات خاصة بركن «الرأي الحر / ضيوف المنبر / نبض القلم / بلاغات صحفية »
 
الغاية
هذا الركن مفتوح أمام المتصفحين وضيوف الجريدة للتعبير عن آرائهم في المواضيع التي يختارونها، شرط أن تظل الكتابات منسجمة مع الخط التحريري وميثاق النشر الخاص بـ L’ODJ.

المتابعة والتحرير
جميع المواد تمر عبر فريق التحرير في موقع lodj.ma، الذي يتكفل بمتابعة المقالات وضمان انسجامها مع الميثاق قبل نشرها.

المسؤولية
صاحب المقال هو المسؤول الوحيد عن مضمون ما يكتبه. هيئة التحرير لا تتحمل أي تبعات قانونية أو معنوية مرتبطة بما ينشر في هذا الركن.

الممنوعات
لن يتم نشر أي محتوى يتضمن سبّاً أو قدحاً أو تهديداً أو ألفاظاً خادشة للحياء، أو ما يمكن أن يشكل خرقاً للقوانين المعمول بها.
كما يُرفض أي خطاب يحمل تمييزاً عنصرياً أو تحقيراً على أساس الجنس أو الدين أو الأصل أو الميول.

الأمانة الفكرية
السرقات الأدبية أو النقل دون إشارة للمصدر مرفوضة بشكل قاطع، وأي نص يتبين أنه منسوخ سيتم استبعاده.


















Buy cheap website traffic