حياتنا

تعزيز الشفافية في الصفقات العمومية: ضرورة ملحة


في ظل التوجهات الحكومية نحو تعزيز الشفافية وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، تبرز قضية الصفقات الإعلانية وغير الإعلانية التي تُبرمها وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. هذه الصفقات، التي تُعتبر من أموال دافعي الضرائب، تثير تساؤلات عديدة حول حجمها، طريقة إسنادها، والجهات المستفيدة منها.



حجم الصفقات وطريقة إسنادها
تشير مصادر في قطاع الإعلام والإشهار إلى أن إحدى الوكالات الخاصة، القريبة من دوائر نافذة في الوزارة، أصبحت الوجهة المفضلة لتنفيذ الحملات الإعلانية والتواصلية. هذا الوضع يطرح علامات استفهام حول مدى وجود منافسة حقيقية في هذا المجال، حيث تظل المنافسة محدودة أو شبه غائبة. ورغم وجود قوانين تنظم الصفقات العمومية وتحدد مساطر طلب العروض، فإن انعدام المعلومات الكاملة حول تفاصيل هذه العقود يفتح المجال للشكوك حول نزاهتها.

أهمية الشفافية
الشفافية في تدبير الصفقات ليست مجرد مطلب شكلي، بل هي أساس بناء الثقة بين الإدارة والمواطنين. يجب أن يكون المال العام مصروفًا وفق الأولويات الوطنية وبأعلى درجات الكفاءة. عندما تغيب المعلومات المتعلقة بالصفقات الإعلانية، مثل قيمتها، مدتها، شروطها، ومعايير اختيار الفائزين، تتعزز الانطباعات بوجود منطق "المعرفة" و"القرب" بدلاً من المنافسة الحقيقية.

الحاجة إلى تقارير دورية
تعتبر الحملات الإعلانية التي تطلقها الوزارة فرصة للتواصل الفعال مع المواطنين، وليست مجرد صفقات مالية مغلقة بين أطراف محددة. لذلك، من الضروري أن تبادر الوزارة إلى نشر تقارير دورية توضح فيها حجم هذه الصفقات، الجهات المستفيدة، ومدى احترامها للقوانين المعمول بها.

دعوات الملكية للشفافية
في ظل المرحلة الحالية التي يعيشها المغرب، خاصة مع الدعوات الملكية المتكررة لتعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، لا يمكن قبول أي غموض في تدبير المال العام. لذا، فإن فتح هذا الملف وإخضاعه للمراقبة المؤسساتية والإعلامية يعد خطوة ضرورية لضمان نزاهة المسار، حماية صورة الوزارة، وتعزيز ثقة الرأي العام في مؤسسات الدولة.

إن تعزيز الشفافية في الصفقات العمومية هو ضرورة ملحة تساهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً وشفافية. يجب أن تكون هناك آليات واضحة لضمان المنافسة العادلة، ونشر المعلومات المتعلقة بالصفقات بشكل دوري، لضمان أن المال العام يُصرف بطريقة تعكس احتياجات المواطنين وتطلعاتهم.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 12 أغسطس/أوت 2025
في نفس الركن