أسرتنا

بين السرعة والفهم.. كيف يُضعف الذكاء الاصطناعي قدرتنا على التفكير النقدي؟


في زمن السرعة الرقمية، صار الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، يقدّم الإجابات بضغطة زر ويوفّر الوقت والجهد. غير أن باحثين أمريكيين حذّروا مؤخرًا من أن هذا الاعتماد المفرط على تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يكون له ثمن خفي: ضياع عمق المعرفة وضعف التفكير النقدي.



باحثون أمريكيون: الذكاء الاصطناعي يقدّم الإجابات الصحيحة لكنه يقتل عمق التعلم

وفق دراسة حديثة نُشرت في مجلة PNAS Nexus التابعة للأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة، فإن الأشخاص الذين يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي لتعلّم المواضيع الجديدة يكتسبون معرفة سطحية مقارنة بمن يستخدمون طرق البحث التقليدية.
الباحثون أوضحوا أن الذكاء الاصطناعي قد يقدّم المعلومة الصحيحة، لكنه يحرم المستخدم من متعة البحث والاكتشاف الذاتي.

إجابات جاهزة بلا جهد ذهني.. كيف يفقد المستخدم متعة اكتشاف المعلومة؟
تؤكد الباحثة شيري ميلوماد من جامعة بنسلفانيا، وزميلها جين هو يون من جامعة ولاية نيو مكسيكو، أن الاعتماد المفرط على تطبيقات مثل ChatGPT وGemini يجعل المستخدمين أقل انخراطًا في التفكير النقدي.
فهم يميلون إلى تكرار الأفكار الجاهزة بدل تحليلها أو تطويرها، مما يجعل معارفهم أضعف وأقل أصالة.

توضح الدراسة أن التعلم الحقيقي يتطلب مجهودًا ذهنيًا مثل القراءة والتحليل والمقارنة، وهي عناصر تُرسّخ المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد.
أما الاعتماد على الإجابات السريعة، فيحوّل العملية إلى “تعلم سلبي”، يشبه الحفظ الآلي دون فهم.

المعرفة السهلة لا تبقى طويلاً.. التعلم السلبي فخ الراحة الذهنية
جاء في نص الدراسة تحذير واضح: “الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يحوّل التعلم من نشاط فعّال إلى نشاط سلبي، ويؤدي إلى نتائج أضعف.”
هذه النتيجة تُذكّرنا بأن الراحة الذهنية التي تمنحها التكنولوجيا قد تضعف قدراتنا العقلية على المدى الطويل.
الدراسة لا تدعو إلى مقاطعة الذكاء الاصطناعي، بل إلى استخدامه بذكاء.
ينصح الخبراء بجعل الذكاء الاصطناعي “نقطة انطلاق” للبحث، لا نهاية له.
اقرأ بنفسك، حلّل، ودوّن ملاحظاتك لتُثبّت المعلومة في ذهنك.
واسأل دائمًا: “لماذا؟” فالسؤال هو مفتاح الفهم العميق.

في زمن المعرفة السريعة، الذكاء الاصطناعي قد يمنحنا المعلومة، لكنه لا يستطيع أن يفكر بدلنا.
إنّ الفضول الشخصي، والبحث الذاتي، والقدرة على التساؤل، تبقى الأساس لبناء عقل ناقد ومعرفة حقيقية.




الاثنين 10 نونبر 2025
في نفس الركن