اقتصاديات

بورصة الدار البيضاء: بين الانتعاش الواضح وتركيز المخاطر في قطاعات محددة


تشهد بورصة الدار البيضاء منذ فترة عودة ملحوظة، مدفوعة بتزايد إقبال صغار المستثمرين، وظهور عروض أولية للاكتتاب (IPO) جذبت الانتباه، إلى جانب تدفق رؤوس الأموال الذي دفع مؤشر MASI نحو مستويات مرتفعة. غير أن هذا الانتعاش لا يعكس بالضرورة توسعا حقيقيا في السوق، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على عدد محدود من القطاعات.



تركيز مرتفع في قطاعات محددة

وتُظهر التحليلات أن السوق المغربية مهيمنة من قبل ثلاثة قطاعات رئيسية: البنوك، البناء والتشييد (BTP)، وقطاع الاتصالات. يمثل القطاع البنكي حوالي 30% من قيمة السوق، بينما يشكل قطاع البناء والتشييد نحو 12,5%، متفوقا على وزنه في الاقتصاد الفعلي، نتيجة للمشاريع الكبرى مثل تجهيزات كأس الأمم الإفريقية 2025 والتحضيرات لكأس العالم 2030. أما قطاع الاتصالات والخدمات المالية، فيبرز كقطاع ناضج يحظى بالثقة لمستوى الحوكمة والشفافية فيه.

ويشير الخبراء إلى أن تركيز السوق على هذه القطاعات يزيد من مخاطره النظامية، إذ أي صدمة في أحد هذه المجالات قد تؤدي إلى تقلبات قوية للمؤشرات وتراجع ملحوظ في رؤوس الأموال المتداولة.

ويبلغ عدد الشركات المدرجة حوالي 70-80 شركة فقط، وهو عدد منخفض مقارنة بالبورصات المماثلة في إفريقيا والشرق الأوسط. هذا النقص في العروض، مقابل وفرة السيولة المحلية، أدى إلى ارتفاع معدلات PER (نسبة السعر إلى الأرباح)، التي وصلت إلى نحو 23-24 مرة، ما يعكس أسعارا مرتفعة للأسهم تفوق أحيانا قيمتها الجوهرية.

يؤكد الأستاذ نَبيل عادل أن هذا الوضع يعكس ندرة الأوراق المالية مقابل حجم السيولة المحلية، ما يدفع المستثمرين لدفع أسعار مرتفعة، حتى لو لم تكن متوافقة مع الأداء الفعلي للشركات.

وبالرغم من النجاحات المحدودة لبعض الاكتتابات مثل دخول شركة Akdital وزيادة رأسمال TGCC، يظل السوق معتمدا على عدد محدود من الصفقات الكبيرة، ولا يعكس بشكل كافٍ النشاط الاقتصادي الحقيقي أو احتياجات التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاع التكنولوجي.

ويخلص خبراء السوق إلى أن بورصة الدار البيضاء تواجه تحديًا مزدوجًا: ضرورة تنويع قطاعاتها وعدد الشركات المدرجة، وتقليل تركيز المخاطر في القطاعات الرئيسة، لضمان استقرار السوق وتمكين المستثمرين من استثمارات أكثر أماناً وإنتاجية.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 8 دجنبر 2025
في نفس الركن