صحتنا

بكتيريا الفم… العدو الخفي الذي يهدد القلب


لم يعد تسوس الأسنان أو التهاب اللثة وحدهما مصدر القلق الأكبر المرتبط بصحة الفم، إذ كشفت أبحاث علمية متزايدة أن بكتيريا الفم قد تلعب دورًا خفيًا وخطيرًا في زيادة احتمالات الإصابة بأمراض القلب المميتة. هذه النتيجة تقلب النظرة التقليدية لصحة الفم رأسًا على عقب، لتجعل العناية به جزءًا لا يتجزأ من الوقاية القلبية.



فالفم ليس مجرد بوابة للطعام والكلام، بل هو أيضًا موطن لآلاف الأنواع من البكتيريا، بعضها نافع والآخر مضر. وعندما تهمل صحة الفم لفترة طويلة، تتكاثر البكتيريا الضارة في طبقات البلاك واللويحات السنية، مسببة التهابًا مزمنًا في اللثة. ويؤكد الخبراء أن هذا الالتهاب يسمح بدخول البكتيريا أو السموم التي تنتجها إلى مجرى الدم، ما قد يؤدي إلى حدوث تصلب الشرايين أو انسدادها على المدى الطويل.

دراسات طبية حديثة أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض اللثة المزمنة أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية مقارنة بغيرهم. ويعتقد الباحثون أن الالتهاب المزمن الذي تسببه بكتيريا الفم يسرّع من تراكم الترسبات الدهنية داخل الشرايين، وهو ما يزيد خطر النوبات القلبية.

وتكمن خطورة هذه العلاقة في كونها صامتة وغير ملحوظة؛ فالكثيرون يركزون على العادات الغذائية أو التدخين كعوامل رئيسية للإصابة بأمراض القلب، ويغفلون أن نزيف اللثة المتكرر أو رائحة الفم الكريهة قد يكونان إنذارًا مبكرًا لخطر أكبر يتربص بالقلب نفسه.

ولذلك، يشدد الأطباء على أهمية دمج العناية بصحة الفم ضمن نمط الحياة الصحي للقلب، بدءًا من تفريش الأسنان مرتين يوميًا واستخدام خيط الأسنان وغسول الفم، وصولًا إلى الزيارات الدورية لطبيب الأسنان لاكتشاف أي التهابات أو أمراض لثوية في بداياتها قبل أن تتحول إلى تهديد حقيقي لصحة القلب.

إن هذه النتائج العلمية الحديثة تضع صحة الفم في قلب النقاش حول الوقاية من الأمراض القلبية، وتعيد التأكيد على أن الجسد منظومة متكاملة لا يمكن تجزئتها؛ فإهمال منطقة صغيرة كالفم قد تكون له عواقب وخيمة على أهم عضو في جسم الإنسان: القلب.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الأربعاء 17 شتنبر 2025
في نفس الركن