وأكد لفتيت أن هذه الإجراءات تندرج ضمن مقاربة ترمي إلى إعادة الانضباط إلى القطاع والتصدي لكل الممارسات المخالفة للقوانين الجاري بها العمل، مشددًا على أن تحسين صورة سيارات الأجرة يمر بالضرورة عبر محاسبة المخالفين وتعزيز الالتزام المهني، بما يضمن حقوق المرتفقين ويصون كرامة السائقين الملتزمين بالقانون.
وفي سياق البحث عن حلول مستدامة، أوضح وزير الداخلية أن الوزارة أطلقت خلال السنة الجارية دراسة استراتيجية معمقة تهدف إلى تشخيص دقيق لاختلالات القطاع ورصد مكامن الخلل البنيوية والتنظيمية التي تعيق تطوره. وأضاف أن هذه الدراسة، التي يشرف عليها خبراء مختصون، توجد حاليًا في مرحلة تحديد السيناريوهات الممكنة وصياغة توصيات عملية لإصلاح وتحديث منظومة سيارات الأجرة على الصعيد الوطني.
وتعهد لفتيت بإشراك مختلف المتدخلين والفاعلين المهنيين في الاطلاع على خلاصات هذه الدراسة قبل الشروع في تنزيل مخرجاتها، بما يضمن نوعًا من التوافق حول الإصلاحات المرتقبة، ويحدّ من منسوب التوتر الذي يرافق عادة أي محاولة لتغيير قواعد اشتغال القطاع.
وعلى مستوى المعطيات الهيكلية، كشف الوزير أن أسطول سيارات الأجرة بالمغرب يضم حوالي 72 ألف سيارة، منها قرابة 44 ألف سيارة من الصنف الأول (الكبير) ونحو 32 ألف سيارة من الصنف الثاني (الصغير)، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يوفر فرص شغل لما يقارب 180 ألف سائق، ما يجعله أحد القطاعات الحيوية في منظومة النقل الحضري وشبه الحضري.
وفي هذا الإطار، أبرز لفتيت أن وزارة الداخلية عملت على تحيين القرارات العاملية التنظيمية المتعلقة بتدبير رخص سيارات الأجرة، سواء على مستوى مساطر منح التراخيص أو تحديد المواصفات التقنية للمركبات وشروط استغلالها، بهدف عقلنة التدبير والحد من مظاهر العشوائية التي راكمها القطاع عبر سنوات.
كما شدد الوزير على أن الداخلية سعت إلى تكريس الطابع المهني لاستغلال سيارات الأجرة، من خلال حصر الاستفادة من الرخص على السائقين المهنيين، ووقف المصادقة على عقود التفويض الجديدة لفائدة غير المهنيين، إلى جانب عدم تجديد عقود الاستغلال التي لا تستجيب للمعايير المعتمدة، في محاولة لإعادة الاعتبار للسائق كمحور أساسي في المنظومة.
وفي ما يخص التحديث والعصرنة، أشار لفتيت إلى أن الوزارة تعمل على تجديد أسطول سيارات الأجرة وتطوير الخدمات المقدمة، عبر تعزيز المنظومة المعلوماتية لتدبير القطاع، وإطلاق خدمات حجز سيارات الأجرة من خلال شبابيك ومنصات رقمية، بما يواكب التحولات التكنولوجية ويستجيب لتطلعات فئات واسعة من المرتفقين.
غير أن الوزير لم يُخفِ حجم التحديات التي لا تزال تؤرق القطاع، وفي مقدمتها ضعف رضا المواطنين عن جودة الخدمات، وغياب التوازن بين العرض والطلب في عدد من المدن والمناطق، إضافة إلى محدودية الإطار القانوني المؤطر للقطاع، وهشاشة نموذج استغلال الرخص المعتمد، وتعدد المتدخلين وما يرافقه من نزاعات متكررة.
ومن بين الإكراهات التي توقف عندها لفتيت أيضًا، البطء المسجل في اعتماد سيارات الأجرة على التطبيقات الذكية وأنظمة الوساطة وتحديد الموقع، في مقابل تصاعد المنافسة من طرف النقل غير المرخص عبر التطبيقات الرقمية، فضلًا عن وجود مقاومة للتغيير لدى بعض المستفيدين من الوضع القائم، وهو ما يعطل، بحسب الوزير، عددًا من مبادرات الإصلاح ويؤجل تنزيلها على أرض الواقع