آخر الأخبار

اليوم الدولي للمتطوعين: المغرب بين تاريخ عريق وحاجة لتعبئة مستقبلية


يحتفل المغرب، كما العالم، في 5 دجنبر من كل سنة باليوم الدولي للمتطوعين من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مناسبة لتسليط الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه التطوع في المجتمع المغربي، من تاريخ مضى إلى الحاضر وإلى آفاق المستقبل.



تاريخ طويل للتطوع في المغرب

ويشير الفاعلون الأكاديميون والمدنيون إلى أن ثقافة التطوع متجذرة في المجتمع المغربي منذ قرون، بدءاً من ممارسات “ركب الحج” حيث كان المغاربة يتطوعون لتأمين الحجاج، إلى إنجاز مسار طريق الوحدة الذي أطلقه الملك محمد الخامس، واستمر بمبادرات شبيهة على يد الملك الحسن الثاني، وصولاً إلى المسيرة الخضراء التي سجلت ملحمة تطوعية واسعة.

وأكد خالد التوزاني، رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي، أن التطوع في المغرب اتخذ تاريخياً شكلين رئيسيين: التطوع بالوقت والعمل، والتطوع بالمال. وأضاف أن الأوقاف، والأحباس، والأعمال الخيرية كانت دائمًا شاهدة على هذا الالتزام المجتمعي، وأن ثقافة التضامن متأصلة في السلوك الشعبي المغربي، مستمدة من قيم الدين الإسلامي التي تحض على العمل الصالح وخدمة الآخرين.

على الرغم من استمرار الزخم التطوعي اليوم، يشير الفاعل المدني يوسف الشفوعي، عضو الشبكة المغربية للتحالف المدني من أجل الشباب، إلى أن التطوع في المغرب لا يزال مناسباتيًا وجزئيًا، مع أثر محدود من حيث الاستمرارية والتنظيم. وأوضح أن المملكة تعتمد اليوم على القانون رقم 06.18 لتنظيم العمل الجمعوي التعاقدي، لكن الوعي الجماعي بعدم اعتبار التطوع واجبًا فرديًا على المجتمع لا يزال محدودًا.

وشدد الشفوعي على أهمية إطلاق برامج مستمرة لتعبئة المتطوعين، وتسجيلهم، وتوجيههم خلال التظاهرات الكبرى، لضمان استدامة العمل التطوعي وتحقيق أثر ملموس على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في هذا الإطار، أعلن مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أن الوزارة تعمل على إعداد استراتيجية للتواصل حول العمل التطوعي التعاقدي، بالتعاون مع أحد المانحين الدوليين، إلى جانب إطلاق مشروع الأكاديميات الجهوية لتكوين الفاعلين في مجال التطوع، بهدف تعزيز المهارات وتنظيم الجهود التطوعية بشكل مستدام.

ويعتبر تكريم المتطوعين في المساجد والمدارس من المبادرات المهمة لتعزيز ثقافة التطوع، خاصة عند اقتراب شهر رمضان، حيث يتطوع العديد من المغاربة لأعمال الصيانة والتنظيف، ويشرف الحرفيون على أعمال الصيانة، بينما يساهم المحسنون بتوفير المستلزمات الضرورية.

ويبقى اليوم الدولي للمتطوعين مناسبة لتقدير الجهود التطوعية في المغرب، وللتذكير بأن المجتمع بحاجة إلى تعزيز ثقافة التطوع المستمر والمؤسساتي، مع توسيع برامج التكوين والتوعية لتجعل من العمل التطوعي واجبًا جماعيًا مؤثرًا، يعكس قيم التضامن والتعاون التي لطالما ميّزت المجتمع المغربي عبر تاريخه.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 5 دجنبر 2025
في نفس الركن