اقتصاديات

الوكالة الفرنسية للتنمية ترافق المغرب في رهانه على تحلية مياه البحر لمواجهة أزمة العطش


يشكل ملف المياه أحد أكبر التحديات التي تواجه المغرب في ظل توالي سنوات الجفاف وتفاقم آثار التغير المناخي، وهو ما جعل المملكة تتجه بقوة نحو حلول مبتكرة وفي مقدمتها تحلية مياه البحر. وفي هذا السياق، أكدت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أنّ المغرب يُعدّ شريكًا استراتيجيًا للوكالة الفرنسية للتنمية في هذا المجال، من خلال سلسلة من البرامج والمشاريع التي تترجم التعاون الثنائي بين الرباط وباريس.



ففي ردها على سؤال كتابي في الجمعية الوطنية الفرنسية، أوضحت الخارجية الفرنسية أنّ أنشطة الوكالة في المغرب تشمل مواكبة مشروع محطة تحلية المياه الكبرى في الدار البيضاء، إلى جانب دعم بناء محطة مماثلة في الداخلة، التي تُعتبر ركيزة أساسية في الخطة الوطنية الاستعجالية لتأمين الأمن المائي بالأقاليم الجنوبية. كما يندرج هذا التعاون ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الاستدامة المائية وتحسين إدارة الموارد الطبيعية في مواجهة الضغط المتزايد.

التعاون الفرنسي لا يقتصر على التحلية فحسب، بل يمتد إلى دعم مشاريع إستراتيجية كبرى، من أبرزها مشروع “AEP Nord III” الذي يسعى إلى تأمين مياه الشرب لما يقارب مليون نسمة بالمناطق القروية، إضافة إلى برامج الدعم الفني والفلاحي التي تركز على تقنيات الري الذكي وتشجيع الزراعة البيئية. وفي السياق نفسه، وقّعت الوكالة الفرنسية للتنمية اتفاقيات مع عدة وزارات مغربية، كان أبرزها قرض بقيمة 100 مليون يورو لدعم الإستراتيجية الوطنية للمياه وتعزيز الإدارة المتكاملة للموارد المائية.

كما يشمل التعاون البعد البيئي والغطاء الغابوي، إذ جرى توقيع خطاب نوايا مع الوكالة الوطنية للمياه والغابات من أجل دعم إستراتيجية الغابات المغربية 2020–2030، بتمويل يصل إلى 102 مليون يورو (100 مليون كقرض ومليوني يورو كهبة). هذه المبادرات تعكس إيمان باريس بأهمية حماية المنظومات البيئية والغابوية كخط دفاع طبيعي ضد تداعيات المناخ.

أما على المستوى الإقليمي، فتؤكد فرنسا حضورها في قضايا المياه من خلال الانخراط في المنتديات الدولية كالاتحاد من أجل المتوسط، الذي سيعقد اجتماعه الوزاري المقبل بروما سنة 2026، وصندوق “شراكة البحر المتوسط الأزرق” المخصص لمشاريع الاقتصاد الأزرق ومعالجة المياه. كما تم إنشاء صندوق فرنسي-مغربي مشترك يموّل التعاون بين الجماعات المحلية بالبلدين، مع تخصيص 750 ألف يورو للفترة 2025–2027، يوجّه أساسًا لمكافحة الضغط المائي.

وتدرك باريس، وفق ما جاء في الجواب الرسمي، أن دول الضفة الجنوبية للمتوسط تعيش هشاشة متزايدة أمام موجات الجفاف ونقص الموارد، لذلك تراهن على دعم حلول مبتكرة، مثل اعتماد تقنيات الري الرقمي والحلول القائمة على الطبيعة، إلى جانب تطوير مصادر مياه غير تقليدية. ومن هذا المنطلق، حرصت فرنسا على تمويل مشاريع بحثية مشتركة، منها مشروع “MAHDIA” بالمغرب، إضافة إلى برامج تعنى بحوكمة المياه في المدن مع إشراك النساء كفاعل رئيسي في التدبير.

إن مواكبة فرنسا للمغرب في هذا المسار تؤكد أن قضية المياه لم تعد مجرد خيار تنموي، بل تحولت إلى رهان إستراتيجي يرتبط بالأمن القومي والاقتصادي والاجتماعي. ومع تزايد ندرة الموارد المائية، تبدو مشاريع تحلية مياه البحر، بدعم شركاء دوليين، أحد المفاتيح الأساسية لضمان صمود المملكة أمام تحديات المستقبل.

بقلم هند الدبالي 

تحلية مياه البحر، المغرب، فرنسا، الوكالة الفرنسية للتنمية، أزمة المياه، الجفاف، الدار البيضاء، الداخلة، الإستراتيجية الوطنية للمياه، التعاون المغربي الفرنسي.





الثلاثاء 23 شتنبر 2025
في نفس الركن