فن وفكر

المغرب يعيد رسم دوره في الصناعة السينمائية العالمية: قراءة في عودة "هوليوود إفريقيا"


منذ أكثر من عقدين، ظل المغرب يحتفظ بموقع مميز داخل خارطة الإنتاج السينمائي العالمي. فبعد فترة تباطؤ خلال الجائحة وما تبعها من تحولات في الاستوديوهات الدولية، عاد اليوم بقوة ليثير اهتمام الصحافة المتخصصة التي تصفه من جديد بـ"هوليوود إفريقيا".



عودة لافتة إلى الواجهة السينمائية العالمية

عودة المغرب إلى الصدارة ليست وليدة اللحظة، بل امتداد لمسيرة بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، حين بدأت كبريات الإنتاجات الدولية في اختيار المملكة كمنصة طبيعية للتصوير.

ديكورات طبيعية لا مثيل لها
من قصبات الجنوب إلى كثبان الصحراء، ومن المدن العتيقة إلى قمم الأطلس، شكّلت جغرافيا المغرب خلفية لملاحم سينمائية عالمية مثل Lawrence of Arabia، Gladiator، Babel و Kingdom of Heaven. وفي السنوات الأخيرة عادت أعمال ضخمة مثل Mission: Impossible وJohn Wick 3 لتؤكد مكانة المملكة كموقع تصوير مفضل.

استثمارات في البنية السينمائية.. وأبرزها ورزازات
سر هذا النجاح يعود بالأساس إلى قوة البنية التحتية، خاصة بمدينة ورزازات حيث توجد استوديوهات "أطلس" التي تعد من الأكبر في إفريقيا. هذه المساحات المتعددة الاستعمالات تمنح للمخرجين مرونة عالية في إعادة بناء عوالم تاريخية أو خيالية بكفاءة كبيرة.

كفاءات تقنية مغربية تنافس عالمياً
المهارات المغربية التي تكونت عبر عقود من العمل مع فرق أجنبية أصبحت اليوم جزءاً من قوة العرض. فرق مغربية محترفة، سريعة، وذات تكلفة تنافسية، مما جعل المنتجين العالميين يفضلون المغرب على وجهات أخرى.

استقرار سياسي وإطار قانوني جاذب
واحد من أهم عوامل الجذب هو الاستقرار السياسي والأمني في المملكة مقارنة بتقلبات المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، قامت السلطات بتسهيل المساطر، وتقديم حوافز مالية، أبرزها نظام استرداد يصل إلى 20% من المصاريف المنجزة داخل البلاد، وهو ما زاد من جاذبية المغرب لدى شركات الإنتاج.

مهرجان مراكش.. منصة دولية تؤسس للريادة
إلى جانب الجانب الصناعي، يلعب المهرجان الدولي للفيلم بمراكش دوراً محورياً في تعزيز موقع المغرب. فمنذ تأسيسه سنة 2001، أصبح من أهم المنابر السينمائية العربية والإفريقية، مستقطباً نجوماً عالميين ومخرجين كباراً مثل سكورسيزي، كوبولا، روبير دي نيرو وميريل ستريب.

ارتقاء السينما المغربية عبر “ورش الأطلس”
بفضل "ورش الأطلس"، المنصة المهنية التابعة للمهرجان، برزت أعمال مغربية جديدة استطاعت الوصول إلى مهرجانات كبرى كبرلين وكان وتورونتو. ما يعني أن المغرب لم يعد مجرد فضاء تصوير، بل أصبح أيضاً منتجاً ومصدّراً لسينما محلية ذات جودة عالية.

منصات البث تدخل على الخط
تزايد حضور منصات البث العالمية مثل نتفليكس وأمازون برايم في السنوات الأخيرة، ما دفعها إلى الاستثمار في المحتوى المغربي أو تصوير أعمال داخل المملكة. هذا التوجه يرتبط بالطلب العالمي على قصص من منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، باللغات العربية والأمازيغية والدارجة.

مدن مغربية تتحول إلى “ديكورات حية”
ما يميز المملكة أيضاً هو تنوع فضاءاتها؛ فمراكش بتدرجاتها الحمراء، طنجة بأفقها البحري، الدار البيضاء بروحها الحضرية، والصحراء بسحرها البصري… كلها تحولت إلى مواقع تصوير تحاكي الشرق والغرب وأماكن متخيلة أيضاً.

إجماع دولي على عودة المغرب كقوة سينمائية
كل المؤشرات اليوم تشير إلى أن المغرب يتجه نحو استعادة لقبه القديم: “هوليوود إفريقيا”. فهو يجمع بين الصناعة، الثقافة، الاستقرار، الكفاءات والخيال البصري، ما يجعله منصة مكتملة للإنتاج السينمائي العالمي والإقليمي.

قوة المغرب.. ثقافة وهوية قبل أن تكون استوديوهات
نجاح المملكة ليس مجرد استوديوهات ومواقع تصوير، بل هو نتاج رؤية إبداعية تجعل من الثقافة المغربية مادة سينمائية قابلة للابتكار والتطوير، ومن التراث المحلي منبعاً جمالياً قادراً على مواكبة السينما العالمية.




الثلاثاء 2 دجنبر 2025
في نفس الركن